منذ بعث الله محمداً -صلى الله عليه وسلم-، والسهام مشرعة في وجه الدعوة إلى الله، وأعداء دين الله يتجمعون ويتشاورون فيما يوقف زحف هذه الدعوة إيذاء لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وتآمراً ضدّه، وتشاوراً مع اليهود، الذين يعينونهم بالشبه ووضع العراقيل، في محاولة لصدّ النّاس عن سماع القرآن، أو ردّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في شبهاتهم، ومصداقاً لقوله تعالى: {يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} (سورة التوبة آية 32)
هذه الآية جاءت بعد أن ذكر الله سبحانه كثيراً من شبه وأعمال أهل الكتاب، وما يريدون الصدّ عن دين الله الحقّ.
ويقول سبحانه في موطن آخر: {يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} (سورة الصف آية 8) وهذه الآية مؤكدة بحرف التوكيد اللام، لأن الآية قبلها جاءت بعد الإبانة في عقاب من يكذب على الله ويفتري عليه، وبرز أثر التأكيد في الآية بعدها، بأنّ أعمالهم مهما تضافرت، فإنّ الله متمّ نوره، ومظهر دينه، وأنّ العاقبة لهذا الدين، في طمأنة لقلوب الفئة المؤمنة بربها، والمستقيمة على أمر الله مع نبيها -عليه الصلاة والسلام-، حيث قال سبحانه وتعالى: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} (سورة الصف آية 9)، وبالتمعن في دلالة الآيات يجب أن ندرك أن كيد الأعداء يضمحلّ كلما أراد البروز.
ونحن في الآونة الأخيرة، نسمع ونرى هجمات شرسة، ومقصودة ضد الإسلام، وحامل لواء الدعوة إلى الله، محمد -صلى الله عليه وسلم-، في الدانمارك وغيرها، في عداء سافر، وهجوم متعمد.. لكننا نتتبع النتائج، وصداها عند الغرب، حيث اعترف كثير من كتّابهم ومفكريهم، بأنّ هذه الهجمات والسّباب ضد رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، ما حققت النتائج التي يتوقعها موقدو نارها.. بل انعكست ضد من أشعل النار، وأراد فتح باب الفتنة، حيث كثر الداعون للبحث عن حقيقة هذا الدين، وكيفية التعّرف عليه، واهتمت دور النشر بالكتاب الإسلامي.
فانتشر، وكثر طالبوه في بلادهم، ودخل دين الله كثير من أبناء الغرب، رغم الدعاية بأن تعاليم الإسلام هي التي بعثت الإرهاب في العالم، فقد قرأت عن قسّ أمريكي جاء للحج هذا العام أخبرني سبب إسلامه، بأنّ كبرى الكنائس العالمية جندته للدعوة للنصرانية، وجذب شباب المسلمين بالشبهات، فطلب كُتب الديانات كلها، حتى يقرؤها جيداً ليرد عليهم فلفت نظره أول سورة يقرأها من القرآن {ألم ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ} (سورة البقرة آية2)، قال: فَصِرت أناقش في دلالتها كبار القساوسة، وأحاجّهم، وأقول: كيف أدعو المسلمين، وهذه دلالة أول آية من معتقدهم وهو القرآن، فلما عجزوا عن إعطائي جواباً مقنعاً، قالوا: لا تقرأ كتابهم فإنّه من وضع الشياطين.
فما ازددت به إلا تمسكاً، وكلما قرأت ازددت به تعلقاً وانفتاحاً، حتى أسلمت عن قناعة وبمحبة لهذا الدين، وعظمة تعاليمه، وتصدوا لي كثيراً، وهدّدوني حتى ذهبت إلى ديار المسلمين هارباً بديني، لأدعو إليه وجئت للحج هذا العام لأزداد ثباتاً ودعوة إليه، وتعريفاً بسمو تعاليمه.
ولذا لا تيأس فإنّ في بلاد الغرب تفتحاً كثيراً نحو الإسلام، سؤالاً وتثقفاً وقراءة وانجذاباً، بل نتفاءل خيراً لأن الإسلام لا ينحسر ظله في مكان إلا ويرتفع في مكان آخر مِصْداقاً للآية الكريمة: {وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} (سورة محمد آية 38).
فقد نظمت الندوة العالمية في جدة، جلسة في الأيام الماضية، وكان من الضيوف المشاركين المصوّر البريطاني المسلم وهو فنان مشهور اسمه (بيتر ساندرز) الذي جعله الله سبباً في لفت نظر البريطانيين إلى معرفة الإسلام، وجذبهم إليه بمصادر موثوقة، من باب مخاطبة العقول بما تعرفه، ويلفت الأنظار.. بما هو موطن اهتمام من الغربيين عموماً بما أبدعه المسلمون مِنْ فنّ وعمارة وهندسة.. حيث قال في رحلته نحو التعريف بالإسلام، وهذا من مداخل الدعوة: بدأت حياتي لا أعرف شيئاً عن الإسلام، بل لم أكن أعتقد أن هناك ديناً على وجه الأرض غير المسيحية، ولما سافرت إلى الهند، وأقمت فيها سبعة أشهر، تعرفت هناك على الإسلام، والبوذية والهندوسية، فكنت أقارن بينها وبعدها عُدْتُ لبريطانيا، وجدت بعض أصدقائي قد اعتنقوا الإسلام.
مما شجعني على الدخول فيه، ثم ذهبت إلى المغرب، وصُمتُ فيها أول رمضان في حياتي، فأحسست بلذة هذا الدين فذهبت للحج.. وكان اجتماع الحجاج من كل مكان، مما أحدث أثراً كبيراً في نفسي.. ولأنني مصور محترف، فقد وثقت الحج بالصور الحية (فوتوغرافياً).. وتبين لي في هذا الموقف أن الآثار الإسلامية، التي تُعرض في أوروبا وأمريكا وغيرها، غير جيدة، ومع ذلك تركتْ آثاراً في نفوس بعض الأوروبيين، ولذا تجولّت في (40) بلداً، لكي أنقل الآثار الإسلامية بالصور، فاهتممت بتصوير الآثار والمعالم الإسلامية في هذه البلاد التي زرتها.
وصِرْتُ أعرضها في المناسبات والمعارض التي تُتاح وهي عديدة.. فَصِرْتُ أتلقى دعوات للمشاركة بالعروض، بكل مناسبة في الجامعات والمدارس، وصالات العرض، بما لديّ من صور للآثار الإسلامية التي استهوت أنظار وأفكار الغربيين، وكثر الاهتمام والسؤال عن دين وحضارة هؤلاء القوم.
ومن النماذج التي ذكر قال: بأنه بعدما صدر كتاب رشدي (آيات شيطانية)، اتصل بي مواطنون بريطانيون يسألون عن الإسلام. فوجدتها فرصة لإقامة معرض إسلامي، للتعريف بالإسلام، فحقق نتائج طيبة.
ثم بعد أحداث 11 سبتمبر وما حدث من ضجة حول الإسلام، كثر السؤال عن الإسلام، وما تعاليمه وآثاره فوجدتها فرصة لأقدم تعريفاً عن الإسلام، وهذا سبب شُهرتي، وكَثُرت مطالبتي بالتعريف بالإسلام، لذا قررت بالاشتراك مع زوجتي، في إقامة معرض للتعريف بالإسلام وثقافته وإنجازاته المعمارية، لأن أهل الغرب يهتمون بالإعمار والهندسة، فكان هذا مدخلاً مناسباً، فأقمنا معرضنا في مدرسة اللغات الشرقية، بالتعاون مع متحف لندن، فكان الإقبال كبيراً وغير متوقع، حيث استمر (4) أشهر متتالية ذلك أن الأوروبيين يميلون إلى الفن والنحت، بحكم ثقافتهم، ويرفضون الأفكار المفروضة عليهم، فحين نقدم لهم شواهد من الحضارة الإسلامية، مثل قصر الحمراء في إسبانيا، الجامع الأموي في دمشق، يبدأون التساؤل عن الشعوب التي أنجزت مثل هذا الفنّ المعماري الرفيع، ولذا فإني أدعو لاستثمار هذا الميل الغربي، للتأثير فيهم ودعوتهم إلى تفهم الإسلام.
وهذه الدعوة منه، هي منهج الإمام علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- في قوله: (خاطبوا الناس بما يعرفون حتى لا يكذّب الله ورسوله..) وهذا مدخل من مداخل الدعوة، حتى تتغير المفاهيم، ويدخلوا في دين الله، ومن ثم يحبونه، ومن أحبّ شيئاً تعلق به.
علاج السّرطان بزمزم
في كتاب الطبّ البديل تأليف خالد جاد، ينقل قصة ليلى الحلو امرأة مغربية، بصوتها على شريط مسجل، نقلها من موقع (رسالة الإسلام) فقد أصيبت بالمرض الخبيث السرطان، فعجز الأطباء عن علاجها، فأذن الله لها بالشفاء بماء زمزم، وسوف نختصر من قصتها ما يتلاءم مع الحيز، فهي تقول: منذ تسع سنوات أصبت بمرض خطير جداً (السرطان) في التاج الأيسر، وكنت لاهية مقصرة، وإيماني بالله ضعيف جداً، وغافلة عن الله وشرعه، وأظن بأن الجمال يدوم طول الحياة، وكذا الصحة والشباب، فلما أصبت بهذا المرض زلزلني، وفكرت في الهروب، ولكن إلى أين؟ ومرضي معي أينما كنت.
فكرت في الانتحار لكن كنت أحب زوجي وأولادي وما فكرت في عقاب الله، لأنني كنت غافلة عنه، فكان المرض سبب هدايتي، رحلتُ لبلجيكا، وزرت الأطباء، فقالوا لزوجي: لابد من إزالة الثدي، ثم استعمال أدوية حادة تسقط الشعر والأظافر، وغير هذا من الآثار السيئة، فرفضت بشدة، وقلت أموت بثديين وبكل ما خلق الله فيّ ولا أشوه، فكتبوا لي علاجاً خفيفاً.
عدت للمغرب ولم أستفد من الأدوية، لكن بعد ستة شهور شعرت بنقص الوزن، ولوني تغير كثيراً، وزادت الآلام، فنصحني طبيبي في المغرب بالرجوع إلى بلجيكا، وهناك كانت المصيبة، فقالوا لزوجي: الأحسن أن تعود لتموت في بلدها المغرب.
فُجع زوجي بما سمع، فذهبنا لفرنسا بحثاً عن علاج أجود، وبكل أسف رغم موافقتي على قطع ثديي مع العلاج الحادّ، وقررتُ دخول المستشفى مُرْغمة.
لكنّ زوجي تذكر شيئاً قد نسيناه وغفلنا عنه، وذلك بالذهاب إلى مكة، وزيارة بيت الله الحرام، لنقف بين يديه ونسأله أن يكشف ما بنا، فخرجنا من باريس، نهلل ونكبر، وكنت فرحة، لأنها أول مرّة في حياتي، أذهب لبيت الله الحرام، وأرى الكعبة.
واشتريت مصحفاً وتوجهنا إلى مكة المكرمة، فلما دخلنا المسجد، ورأيت الكعبة بكيت كثيراً لندمي على ما فاتني من فرائض الله، وتضرّعت إلى الله، ومما قلت: يا رب لقد استعصى علاجي على الأطباء، وأنتَ منك الداء ومنك الدواء، وليس لي إلا بابك بعد أن أغلقت الأبواب إلا بابك، وطفت حول الكعبة وكنت أسأل كثيراً الله بأن لا يخذلني.
ولغفلتي وبُعدي عن الله، فقد كُنْتُ أسأل العلماء، عن بعض الكتب والأدعية، فكلهم نصحوني بكتاب الله، والدعاء مع شرب ماء زمزم طبقت وشعرت براحة نفسية، في حرم الله، فطلبت من زوجي أن يسمح لي بالبقاء في الحرم، وعدم الرجوع إلى الفندق فأذن لي، وفي الحرم كان بجواري نساء يرينني أبكي، وبجوابي عن السبب قُلْتُ: وصلتُ لبيت الله وما كنت أظنّ أنني سأصله، ولأنني مصابة بالسرطان، وأخبرتهن أنني معتكفة في بيت الله، فأخبرن أزواجهن ومكثن معي، فكنا لا ننام ولا نأكل إلى القليل، لكننا نشرب من زمزم كثيراً، ونقرأ القرآن، ولا ننام إلا قليلاً.
وكنت هزيلة أول ما وصلت مكة، وجسمي عمّته الكريات السرطانية، وصاحباتي ينصحنني بأن أغسل جسمي الأعلى بقليل من ماء زمزم، فخفت في المرة الأولى، وفي الثالثة تجرأت ومسحت صدْري وثديي اللذين كانا مملوءان دماً وصديداً وكويرات، فلم أجد من ذلك شيئاً لا ألم ولا غيره، فطلبت من هن لمس ذلك للبحث عن الكريات، فصحْن وبلا شعور: الله أكبر الله أكبر، فانطلقت لأخبر زوجي وأخبرته بما حدث فلم يصدقْ، وأخذ يبكي ويقول: هل عَلِمْتِ أنّ الأطباء قد أقسموا أن موتك بعد ثلاثة أسابيع فقط؟ فمكثنا في مكة أسبوعاً وزرنا المدينة، ورجعنا إلى فرنسا، فاندهش الأطباء ولم يصدقوا أنني من كنت أعالج عندهم، فأخبرتهم بحالي فقالوا: إن حالتك غريبة والأورام زالت، وكشفوا ثانية فلم يجدوا شيئاً، وما عُدْتُ أخاف من شيء إلا من الله الذي هداني وعافاني. (باختصار من كتاب الطبّ البديل 399 - 403).