البلديات وأمانات المدن تقوم بجهود كبيرة ومتنوعة، وتتحمل أعباء كثيرة في تلبية احتياجات الناس، وهي تتمتع بقسط كبير من سوء السمعة؛ نتيجة وجود إدارة الأراضي وكذا صحة البيئة!
أما لماذا هاتان الإدارتان تحديداً فلأن الناس أصحاب المصالح الشخصية تتقاطع مصالحهم وعمل البلديات بشكل يجعل من البلدية أو الأمانة عدواً لدوداً لهؤلاء، وهذا شيء معروف ومشاهد ولا يحتاج بينة. كنت أعد هذه المقالة عن فصل إدارة صحة البيئة فقط، ومن محاسن الصدف أن اجتمعت بأحد الأصدقاء، وهو أمين لإحدى مناطقنا البلدية، وطرحت عليه فكرة مقالي، فأضاف إليها إدارة الأراضي، مبينا أنهم يضيعون جزءاً كبيراً من أوقاتهم في هذا الأمر، بل إن كثيراً من الضغوط النفسية التي تعاني منها الأمانات والبلديات بسبب الأراضي التي تسبب لهم الكثير من الإرباك والإحراج، وتضيع عليهم أهم عنصر للإنتاج، وهو الوقت. ومن المعلوم أن المهمة الكبرى التي يجب أن تضطلع بها البلدية هي التنمية المستدامة للمنطقة أو المدينة، وأعني بالتنمية المدلول الشامل لهذه الكلمة، وليس المدلول المبتسر الذي يعتقده الكثير منا لمهام البلدية. إن مهمة البلدية مهمة اجتماعية ثقافية توعوية شاملة لكافة عناصر النهضة الحضارية لحواضرنا وبوادينا، وليست هي ما تقوم به أجهزة البلدية (المظلومة) في نظري بتحميلها أحمالاً ليست من مهماتها، أو بالأصح يجب أن لا تكون من مهماتها، مثل مسألة الأراضي وتطبيقاتها ومتابعتها والدخول في أنفاق معتمة تحيط بها الكثير من الصعوبات والكثير من الإشكاليات التي تحوّل البلدية إلى عدو لدود لفئات كثيرة من المجتمع، بل وتدخل في مسألة اتهامها بالظلم والمحاباة، وهي بالطبع تتحمل جزءاً من المسؤولية؛ لوقوع بعض مسؤوليها في دائرة الاتهام. وأيضاً صحة البيئة، هذه الإدارة التي يناصبها العداء الكثير من القطاع الخاص المعني بالتغذية تحديداً مثل أسواق المواد الغذائية والمخابز والمطاعم وغيرها كثير، هذه الإدارة على الرغم من أهميتها وحاجة الناس إلى رجالها إلا أن الكثير يتهمها هي أيضاً بعدم الجدية في عملها، وكذا المحاباة المكشوفة في أحايين كثيرة، وفي اعتقادي أن مسألة صحة الغذاء والبيئة (أتحفظ على تسميتها بصحة البيئة) من الأهمية بمكان، وأعتقد أنه حان الوقت لتكون هيئة أو إدارة مستقلة إدارياً ومالياً عن البلديات، وأن يكون لها نظام مختلف كلياً، يتيح لها أن تعمل وفق أحدث النظم العالمية؛ ما يمكنها من تقديم خدمة راقية بضوابط صحية واضحة، تحقق من خلال ذلك رضاء الطرفين؛ لأن الإشكالية الموجودة الآن هي عدم الوضوح لدى الكثير من المتعاملين مع صحة البيئة ما لهم وما عليهم، حيث تدخل المزاجية في كثير من أعمال هذه الإدارة للأسف. ومن المعلوم أن مهمة هذه الإدارة متشعبة وكبيرة جداً؛ ما يوجب أن تُولى عناية خاصة، وأن تُعطى من الإمكانيات البشرية والتقنية ما يؤهلها للقيام بعملها على أكمل وجه.
هاتان الإدارتان يجب فعلاً النظر في فك ارتباطهما بالبلديات؛ وذلك لنتيح للبلديات أن تعطي أكثر وأكثر لنهضة الوطن، ومن جانب آخر نمنح إدارتي الأراضي وصحة البيئة تحديداً فرصة التطور والتواصل مع المجتمع بشكل يضمن الجودة ويريح الطرفين.
Almajd858@hotmail.com