Al Jazirah NewsPaper Thursday  14/02/2008 G Issue 12922
الخميس 07 صفر 1429   العدد  12922
واقعنا بين الأمس واليوم
مندل عبدالله القباع

جمعنا لقاء ثقافي ببعض الأصدقاء ودار بيننا حوار هادئ حول ما لحق بمجتمعنا المعاصر من تغيرات تحمل في طياتها تحديات عديدة يأتي في مقدمتها تلك التغيرات الكبرى التي لحقت بالأدوار والوظائف وأثرت في علاقات التواصل التي فرضها التغير الاجتماعي النافذ داخل البناء الاجتماعي.

عن هذا المنطلق سنركز فيم قال اليوم عن العلاقة بين الأمس واليوم، وذلك بالاعتماد على ما دار من طرح فكري خلال ذلك اللقاء الذي نوهت عنه.

وإزاء ذلك استهل أحد الحاضرين الحديث قائلا: إننا حقا نواجه اليوم حالة تغير اجتماعي وثقافي هائل يشمل المجتمع ككل كما يشمل كافة أنساق بنائه الاجتماعي.. واستطرد في حديثه قائلا: إنه بعيدا عن الدخول في مفهومات علم الاجتماع العام مثل: البنيوية، الوظائفية، والاعتمادية، والتوافقية، والصراعية، والتطورية، والجماعية.. وغيرها من مفهومات فنحن نرى أن الفارق بين الأمس واليوم ليس فقط كما يدعي البعض... فارق قيمي يتمثل في النظم العقائدية والقانونية تلك التي تجمع بين التقاليد والأعراف القديمة، والمبادئ الروحية وعدم العلاقات الدينامية في التنظيم الاجتماعي للمجتمع، لكنه فارق في محاور سياساته الاجتماعية والاقتصادية والسياسية فضلا عن إشكاليات عملية التحول الحاصلة في الأنساق الاجتماعية ونظم الإنتاج، وهيمنة التكنولوجية، ومنظومة التعليم ومنظومة الصحة والرعاية، ومؤسسات الميديا والتوجيه وتشكيل الرأي، ومؤسسات التنشئة والتطبيق والتربية هذا وقد استحسن البعض ما عرضناه من تحليل لواقع اليوم في عمومه وأضاف أن ثمة ثنائية يجب الالتفات إليها في واقع اليوم مثل:

ما هو جماعي وما هو فردي، ما هو بؤري وما هو محيطي، وما هو تقليدي وما هو حداثي، وما هو نظري وما هو تطبيقي.

واستطرد قائلا إن ما هو تقليدي والذي يدخل في دائرة الأمس هو دائم ومستمر خاصة في جانبه القيمي المعاييري الذي يعلوم ما هو قائم في مفردات اليوم، والحقيقة أننا في مرحلة التحول، لكننا لم نصل بعد لحد نهائي لضرورة التطور، فها نحن نرى تنوعا كبيرا في قطاعات العمل الحديثة كالصناعة والخدمات فضلا عن التوسع في نظم التعليم وما نتج عنه من حراك اجتماعي كبير، ومن طلب متزايد على العمل، وعلى السكن، وعلى الرعاية، ونظم التضامن الاجتماعي، ونظم التأهيل المتقدم، ومزيد من المشروعات التي يمكنها استيعاب حجم أكبر من العمالة والوظائف النسائية فضلا مما هو متاح لها الآن في قطاع التعليم والصحة وقطاع المال، وإتاحة الفرصة أمامها لمناصب المسؤولية دون عراقيل أو تعقيدات.

وتعقيبا على هذا القول فنحن نرى أنه لم يستطع أحد أن يوقف حركة التقدم - مطلقا - وإزاء ذلك نجد تغيرا حادث في الواقع يشمل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والتعليمية والسكانية.. وغيرها.

في ذات الوقت الذي لا نستطيع فيه أن نركز إلى جانب واحد من جوانب الحياة في الوقت الذي ندون فيه بما لحق بالبناء الاجتماعي ووظائف من أوضاع جديدة خلقت إرادة جديدة نحو المكتشفات البيولوجية الجديدة (نقل أعضاء، أجهزة تعويضية، استنساخ..)، وإنجازات تكنولوجية (أقمار صناعية، آلات نقل، وأجهزة اتصال، (سماوات مفتوحة، ربوت...) ونظرات اجتماعية (جماعية، تشاركية، جماهيرية، لبرالية...) وفي المتخيل أن كل منها تؤدي إلى رفعة شأن وكيان المجتمع والإعلاء بإنتاجيته لتحقيق مجتمع الكفاية.

وعلق أحد الحاضرين قائلا مهلا لقد تراجعت اليوم العديد من المثل والقيم والفضائل مثل الإيثار، والتضحية، والتسامح، والرحمة، والمودة، والتعاطف، لقد تراجعت هذه القيم لحد ملحوظ على مساحة مفردات الواقع اليوم أمام علاقات إنتاج تنافسية صراعية، وذلك على حساب مبادئ وقيم ومعاني العلاقات الإنسانية والاجتماعية التي يتم على أساسها اجتماع الناس وتلاقيهم في مشاركة نمائية للمجتمع والنهوض به والارتقاء بمكوناته وجماعاته.

وهنا نطرح سؤال: أين نحن؟ والإجابة: نحن نعايش مجتمعا متغيرا تغيرا متلاحقا في إيقاع متعجل يتشكل بسرعة فائقة ليساهم في صنع العالم الجديد.

والواقع لا يحتمل الجمود ولا يقبل التواري والتغيب أو التأخر في الملاحقة.

وهذا لا يحول دون الربط الموضوعي العقلاني بين الأمس واليوم كي يتحقق التداخل في العلاقات وتأثيرها في جوانب المجتمع المختلفة ويرجع هذا إلى أن حياة الإنسان مهما تعددت فسيرتها على مسافة الأمس واليوم توضح وتؤكد على وحدة كيانه الذي ترتبط به تجاربه وأحاسيسه وتفاعلاته، وإن كان هذا يعبر عن الجانب الاجتماعي في المجتمع.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد