Al Jazirah NewsPaper Thursday  14/02/2008 G Issue 12922
الخميس 07 صفر 1429   العدد  12922
مواسم (البرد) وإدارة الأزمات
سليم صالح الحريّص

- بداية أسأل الله أن يحمي هذا الوطن ومواطنيه من كل سوء، وأن يجنبه شرور الكوارث والأزمات، وأن يظلله بخيمة الأمن والاستقرار والرخاء..

** المواقف.. تكشف لنا أموراً لم نكن نراها، وتوقظنا من غفلتنا لنواجه أشياء قد تفاجئنا ولكن دونما استعداد.. بلا خطط.. بلا منهجية.

** حين يقع أمر.. ما.. نستحضر الملفات.. نفتش في الأرشيف.. نبحث عن الكيفية التي نتصرف بها.. نواجه بها.. نبحلق في وجوه بعضنا علّ البعض منا يقدم لنا رؤية.. تصوراً.. يبعدنا عن اللجان ودواماتها. قد يتفتق الذهن عن طرح مغاير لنمطية اعتدناها ووتيرة اجترت حتى ملّت هي من كثرة ممارستنا لها.. باتت مكرورة.. لكن.. نحن ماضون.. في نفس الطريق والأسلوب.. نكرر أنفسنا.. وتتكرر الأخطاء منا دون أن نستفيد.. دون أن نستخلص ما يفيدنا لقادمات الأيام.. ولم نخرج بخبرة تراكمية ترفد ما نقوم به.. ولم نشخص الأخطاء التي نقع فيها.. بقصد أو غير قصد..

** هي الفزعة.. والفزعة فقط.. هي المحفز.. والحماس يثير فينا كل نخوة.. إنما الفزعة تظل فزعة.. والعمل الممنهج والمخطط له يبقى الطريق المنير الذي يقودنا إلى مواجهة كل شيء بنهج علمي مدروس، وبه توضع النقاط على الحروف.

** حين هبت عواصف الثلج والصقيع والبرد على المنطقة الشمالية شتاء هذا العام.. كنا أحوج ما نكون إلى المبادرة المبكرة والتي تخفف على الناس.. كنا أحوج ما نكون لها في شهر المحرم 1421ه حين هددت السيول والأمطار مدينة القريات وقراها.. وكنا على مقربة من خطر داهم.. لكن رحمة الله أقرب.. وافتقدنا أيضا لشيء مهم جداً، وأعتقد جازماً بأن هذا المفتقد ليس غائب عن فكر وتفكير القيادة الرشيدة وأعني بها ما يمكن تسميتها ب(إدارة الكوارث والأزمات). تناط بها مسؤوليات الإغاثة والإيواء والأخلاء ومواجهة الأزمات والكوارث لا قدر الله، ولكن.. كان قائد الوطن هو صاحب المبادرة وكان أسرع وأسخى وبدا لنا أكثر قرباً لنا من أنفسنا.

** جاءت المبادرة الكريمة من صاحب الأيادي الكريمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز.. للتخفيف على أبنائه في شمال الوطن من سطوة الصقيع والبرد، قد صدر التوجيه للجهة المختصة وبشكل عاجل وفوري بسرعة تقديم المساعدات العينية على للمواطنين في المنطقة والتي طال مواطنيها الكثير من أضرار نجمت عن تدني درجات الحرارة والصقيع والبرد، ليعم خير القائد الذي كان شاملاً وعاماً لكل الوطن..

** تقاطرت الشاحنات المحملة بشتى أنواع المساعدة من مواد غذائية ووسائل تدفئة وملابس وغيرها وغيرها..

** كان للمواطن وقفة جميلة.. سخية.. ومشاركة لها وقعها.. لن أنسى مبادرة أهلنا أهالي الزلفي والذين هبوا لتقديم العون لإخوانهم في القريات فكانت الصورة الأبهى.. والصورة الأنقى والشعور بحق أننا وطن واحد وجسد واحد وإن باعدت بيننا الصحاري والقفار، فلهم من أبناء القريات المحبة والاعتزاز والتقدير.

** أعود لأقول.. كانت تلك البادرة من مقام ملك القلوب بلسماً خفف العناء.. ودفئاً صافح الأكف المرتجفة والأجساد المنهكة.. والأقدام التي وطأت (الحليت) صباحات وصباحات، ولثمت شفاة طفل شح الصقيع عليها بابتسامة النقاء.

** كانت المعونة تربت على الأكتاف تشيع في القلوب عطفاً تجمّد مع درجات حرارة فاقت الأصفار..

** هي احتفالية وطنية جسدت روح المواطنة في لوحة معبرة من الصعب نسيان خطوطها وتفاصيل ألوانها وحركات ريشتها.

** الخير كان كثيراً وقوافل الخير لا زالت تتقاطر.

** إنه الصقيع.. الثلج والبرد.. موسم جاء لنا بلمسة الدفء من أيادي الدفء والأريحية رغم الصقيع.. كان الاهتمام من قمة القيادة درساً ريادياً يُعلم ويُدرس ويختصر التقارير والأوراق والمكاتبات، ويُشعر كل ابن في هذا الوطن وعلى كامل ترابه أن القائد يعيش معه.. لصيق أنفاسه.. يشعر بوجعه فيتألم ويشاركه أفراحه إن فرح.. كان الصقيع وما جاء من ورائه دروساً ومحاضرات وعبر.. يفترض أن نستخلص الشيء الكثير منه.. على الأقل أن نبني قاعدة معلومات تسهل من مهام اللجان في مثل هذه المواقف.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد