باغتيال عماد مغنية (الحاج رضوان) اتسعت دائرة اغتيال اللبنانيين وامتدت عمليات الاغتيال إلى خارج لبنان.
صحيح أن عماد مغنية يعتبر في نظر شبكات مكافحة الإرهاب (إرهابياً دولياً) لا تنحصر هويته وجنسيته على لبنان، فالرجل يُعَدُّ امتداداً لوديع حداد وكارلوس، وهو يحتل قبل اغتياله (المطلوب الأول) دولياً خصوصاً من أمريكا وطبعاً من إسرائيل وكثير من الدول التي نفذ أو (هندَّسَ) عماد مغنية عمليات فوق أراضيها، أو ضد مواطنيها.
عماد مغنية التحق بحركة فتح الفلسطينية عندما كان الفلسطينيون يديرون عملياتهم الفدائية من جنوب لبنان، وبعد رحيل المقاومة، انضم عماد مغنية إلى حزب الله ويتخصص في التخطيط للعمليات الخارجية لحزب الله، ويتهم عماد مغنية بالتخطيط وتنفيذ الهجوم على قوات المارينز في بيروت، الذي أسفر عن مقتل المئات من الجنود الأمريكيين وأدى إلى انسحابهم من بيروت، كما أنه يتهم بالتخطيط وتنفيذ خطف عدد من الطائرات المدنية، ومنها الطائرة الكويتية، ومتهم أيضاً بالتخطيط والمشاركة في تنفيذ عملية تفجير إسكان الخبر الذي راح ضحيته العديد من الجنود الأمريكيين الذين كانوا يتواجدون في المنطقة الشرقية بالمملكة في إطار ترتيبات حرب الخليج.
إذن لعماد مغنية خصوم وأعداء لا يمكن حصرهم، وإن جاءت إسرائيل في مقدمة الدول والجهات المتهمة بالتخطيط لعملية الاغتيال وتنفيذها من قبل عملائها.
ومثلما كان عماد مغنية رجلاً غامضاً، حيث اُعْتُبِرَ شبحاً لا يُعْرَفُ شيءٌ عن تحركاته وتواجده بل وحتى ملامحه، بعد أنْ أُخْضِعَ إلى العديد من عمليات (التجميل) حتى أصبح وجهه غير ذلك الوجه الذي عُرِفَ به عام 1982م، ولذلك فلم تُنشر عنه صورٌ جديدةٌ سوى ما تحتفظ به أجهزة المخابرات والإعلام لصورٍ قديمةٍ تعود لعام 1982م، وحتى تحركاته لا أحد يعرفها، فهذا الرجل الذي يحمل جواز سفر دبلوماسي إيرانياً، لا أحد يعرف اسم حامله يتنقل بين إيران وسوريا والعراق ولبنان ودول عربية وأوروبية وإفريقية، يُخَطِّطُ ويُدَرِّبُ عناصر ذات علاقة بحزب الله، وحتى بأجهزة المخابرات الإيرانية، ولهذا فإنه كان موضع متابعة مَنْ قِبَلِ العديد من أجهزة المخابرات الدولية التي لم تستطعْ الوصول إليه، وهو ما جعل من عملية اغتياله وبهذه السهولة في دمشق محل دهشة واستغراب وصدمة كبيرة لقيادات حزب الله وإيران، إذ كيف تم الوصول إلى (الشبح) عماد مغنية في مدينةٍ لبلدٍ حَلِيْفٍ عُرِفَ بقوة أجهزته الأمنية، وإذا كانت إسرائيل فعلاً هي مَنْ اغتالته، فإن ذلك مؤشر خطير ينبئ بخطورة شديدة على جميع القيادات الفلسطينية واللبنانية التي تتواجد في دمشق أو تزورها بين الحين والآخر.
jaser@al-jazirah.com.sa