يتهم الغرب الدول النامية وبالذات الدول العربية والإسلامية بتفشي العديد من العلل السياسية والاجتماعية والسلوكية التي أدت إلى تأخر هذه الدول وتسجيلها لأدنى معدلات النمو، مما جعل بعض الدول متكأة على مساعدة الدول الغربية، والتي حققت نتيجة انضباطها السلوكي والسياسي تقدماً ترجم إلى نواحٍ اقتصادية وسياسية، ويعود ذلك إلى انعدام الأمراض والعلل السياسية والاقتصادية والاجتماعية والخلقية.
هكذا يقولون..!! ولكن تفجر الفضائح في العديد من الدول الأوروبية، يكشف زيف الادعاءات الأوروبية أو على الأقل لا يجعل الغربيين بمنأى عن الأمراض السلوكية المعرقلة للنمو، والواقع يقول إن الغربيين مثل غيرهم من مواطني الدول المتخلفة إلا أن سلوكياتهم الخاطئة أقل بكثير من أقرانهم في الدول المتخلفة التي يحلو للبعض إطلاق تسمية الدول النامية -مجاملة أو تخفيفاً- عليها، والغرق أيضاً في ثقافة الشعوب الغربية وقدرتها على محاسبة المسؤولين عندهم، كبيرهم وصغيرهم يجعل من الصعب إبقاء السلوكيات الخاطئة مخبأة طويلاً أو عدم الحديث عنها رغم معرفة الشعوب بها، مثلما يحدث في الدول المتخلفة التي تعرف أن بعضاً من مسؤوليها -بل وحتى قادتها- مرتشون ويرتكبون الموبقات، كمحاباة الأقارب والفساد المتفشي في أجهزة الدولة والتجاوزات الأخلاقية. بينما في الغرب عندما تظهر خيوط أية مخالفة أخلاقية أو سلوكية لا يمكن السكوت عليها، أو تغطيتها ومنع الحديث عنها، بل يتوسع الحديث عنها حتى تصبح قضية رأي عام تجبر مضاعفتها وتفرعاتها المتهم بارتكابها على الاستقالة والخضوع للتحقيق ثم المحاكمة إن كانت القرائن والاتهامات صحيحة.
هكذا تجري الأمور في الغرب وكم مسؤول فقد منصبه بعد أو نأته بارتكاب جرائم سلوكية وسياسية وأخلاقية، وقد فقد رؤساء دول ووزراء مناصبهم نتيجة ذلك ليس فقط لفضائح أخلاقية، بل حتى لارتكابهم أو لإعطائهم الأوامر بارتكاب مخالفات سلوكية، كقضية الرئيس نيكسون الذي أجبر على الاستقالة لإعطائه الأوامر لأنصاره بالتنصت على زعماء الحزب الديموقراطي.
قضية في نظر أنظمة الدول النامية (المتخلفة) قضية بسيطة عزل بسببها أكثر الرؤساء الأمريكيين حصداً لأصوات الناخبين إذ المعروف أن الرئيس نيكسون فاز في ولايته الثانية بحصوله على أعلى نسبة يحققها رئيس أمريكي.
التنصت على الخصوم، ومخالفة بعض مواد الدستور، والحصول على الرِّشى ومحاباة الأقرباء تعتبرها الدول النامية (المتخلفة) تجاوزات بسيطة لا يجوز الحديث عنها وإن عرفت وعلم بها الآخرون فلا تستحق عزل المسؤول.. ولا محاكمته.. فوجوده نعمة وليس نقمة.. وهذا الفرق بين من يحصدون التقدم وبين الذين لا يزالون يقبعون في دائرة التخلف..!!
jaser@al-jazirah.com.sa