ابتداءً .. لا تربطني بالرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر علاقة تعاون أو عمل أو استشارة، وإنما أكتب عنها بوصفها واحدة من المؤسسات الشرعية في المجتمع السعودي المكلفة بحراسة الفضيلة والأخلاق وتحقيق الأمن الفكري والاجتماعي، وبوصفها سمة من سمات التميُّز لمجتمعنا السعودي المحافظ بشهادة كثير من العرب والمسلمين والأجانب الذين قابلتهم داخل المملكة وخارجها.. ثم - وهو الأهم - لأنها المؤسسة المجتمعية التي نالها الكثير من النقد المجحف وغير الموضوعي من وسائل الإعلام الأجنبية، والغربية على وجه الخصوص.
ومن خلال اهتمامي بالشأن المحلي في وسائل الإعلام الغربية، وتأملي لكثير مما كُتب عن الهيئة ورجالها وجهودها في مضامين تلك الوسائل، وفي التقارير الدورية والسنوية للمؤسسات المعنية بحقوق الإنسان وجدت أن كماً وافراً مما يُكتب عن الهيئة يرتكز على معلومات مغلوطة تعتمد على مصدرين رئيسين:
1- أول هذه المصادر، هم العاملون في وسائل الإعلام الغربية، أو المؤسسات الدولية المعنية بقضايا حقوق الإنسان، فقد كانت الهيئة ضمن منظومة المؤسسات السعودية التي تعرضت لكثير من حملات التشويه الإعلامي المغرض في السنوات القليلة الماضية، وهي حملات إعلامية اعتمدت رؤية ثقافية غربية لمفهوم الدين والحياة والأخلاق، دون أي اعتبار لثقافة المجتمع السعودي، وبالتالي فإن الآراء التي تبنتها تلك المصادر عن عمل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في السعودية هي آراء خاطئة، ومجانبة للموضوعية، بل نزعم أن فيها الكثير من التضليل المقصود لتحقيق هدف معلوم أو مجهول.
ولا غرابة في ذلك البتة، فقد دأبت هذه المصادر على النقد المتواصل لمؤسسات المجتمع السعودي بتأثير ظروف سياسية معينة، أو استعلاء ديني وفكري واضح يبتغي فرض أنموذج معين على مجتمعات العالمين، وتلك حقيقة أسهمت هذه المصادر في حجبها عن العقل الجمعي في الأمم الغربية.
2- وثاني هذه المصادر - وأخطرها - مصادر صحفية محلية وأقلام صحفية سعودية تكتب في وسائل إعلام غربية أخطأت المسير، وضلّت الطريق، وكانت عوناً للمصادر الغربية في الاستشهاد بها لتشويه الصورة الذهنية عن مؤسسات المجتمع السعودي، ومنها هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولقد تتبعت بعض القضايا التي نشرتها صحيفة سعودية تصدر بالإنجليزية عن وقائع متعلقة بعمل الهيئة، أو أحداث كتبها صحفيون سعوديون، فأصبحت مصدراً من مصادر الكتابات الغربية، من باب (وشهد شاهد من أهلها).
لست ضد النقد الموضوعي لأية مؤسسة من مؤسسات المجتمع، فالنقد هو الهادي إلى المزيد من صواب العمل، والسبيل إلى تسديده وترشيده، ولا أحد من أفراد المجتمع أو مؤسسة من مؤسساته فوق النقد، لكن يكون ذلك في صحفنا المحلية الناطقة بلسان الشعب والموجهة إلى جهود المواطنين، وإلا نكون كمن يشتكي أخاه إلى جاره!!
وعلى الهيئة أن تنشط في المجال الإعلامي لتوضيح الحقائق للناس، وأن يكون لها ناطق إعلامي يتابع كل ما يُنشر عنها، فيصحح الخطأ، ويبين باطل القول، أو يُثبت ما ينشر - إن كان له وجه حق وصواب - ويقدم للرأي العام الحقائق بكل شفافية ووضوح.
أستاذ الإعلام السياسي بجامعة الإمام محمد بن سعود