يؤكد المهتمون بتطوير الذات والتنمية البشرية ضرورة رفع (المقاييس) في كل ما يتعلق بحياة الفرد وأعماله وطموحاته وأهدافه وبرامجه، ويرون ضرورة ربط الهدف بالخيال ووضعه في أكبر حجم ممكن مؤكدين أن الهدف أثناء تنفيذه سيخضع لظروف الواقع الذي (يقص) كثيرا من معالمه، ولكن الهدف الكبير أو الذي يحمل مقاييس عالية مهما (قص) منه الواقع ومهما (نتفه) فإنه سيظل بالحجم المعقول جداً.
الإشكال يتركز في رسم أهداف وطموحات بمقاييس متواضعة جداً، ومواصفات عادية لأن الهدف الهزيل لا يبقى منه شيء يذكر عندما يحط على أرض الواقع، ويصبح بلا تأثير وبلا قيمة، وإذا ما اعتبرنا أن نجاح المنجز يعتمد على مدى تأثيره لفترة طويلة، فإن الهدف الهزيل أو المنجز المتواضع أو الفكرة النحيلة لا يبقى أثرها لليوم الثاني ولا تدوم أكثر من وقت تنفيذها.
الناس تتفاعل أكثر مع ما يتوافق مع توقعاتها وتصفق كثيراً للمنجز الذي يحقق طموحها، أو يحقق ما يعرف ب(القيمة المنتظرة) أي العمل الذي تنتظره الجماهير، فهي القيمة التي يفترض أن تستند عليها منجزاتنا هي التي يفترض أن نضعها سياسة عامة موجهة لكل أفكارنا.
الواقع والمفروض شيئان لا يختلفان عند أصحاب المقاييس العالية، أما عند غيرهم فإن الواقع شيء والمفروض شيء، وهذا المعتقد غير الممكن هو سر الهزال الذي يصاحب منجزاتنا.
Ra99ja@yahoo.com