Al Jazirah NewsPaper Tuesday  12/02/2008 G Issue 12920
الثلاثاء 05 صفر 1429   العدد  12920
أغلب الناس يموتون في سياراتهم
د. عبد الملك بن عبد الله زيد الخيال

نبعت فكرة هذا المقال عندما كنت في مجلس يضم بعض الأقارب، فتطرق حديثنا إلى أحد الأخطار التي قد تتسب في وقوع حوادث لنا، فقد يسبب هذا الخطر في فقدان أخ أو صديق عزيز، أصغيت، فزادت معلوماتي، وتحدثت وأفدت وطرحت تساؤلات، وأجبت عن تساؤلات،

وبعدها قرأت الكثير، وجمعت الأفكار والمعلومات لأطرحها عليكم، لتكون لدينا معلومات قد نستفيد منها. طبعاً أغلبكم يعرف أنه مع ظهور بوادر صيف حار جداً في جزيرتنا العربية تبدأ الاستعدادات له بكل الطرق خاصة من أفراد المجتمع، أحد تلك الاستعدادات، هو التأكد من أن سياراتنا سليمة وتتحمل السير على الطرق التي قد تصل الحرارة عليها لأكثر من 48 درجة مئوية، ففي أجواء الصيف الحارة في بلادنا تحتاج السيارة إلى صيانة مستمرة خصوصاً إطاراتها الأربعة، فهي غالباً لا تستطيع تحمل حرارة الأسفلت في الصيف بشكل كبير مما يؤدي إلى تلفها وتعريض ركابها إلى الخطر في حالة انفجارها عند السرعات العالية.

في هذا المقال سوف لا أتعرض لكيفية صنع الإطار لكن يجب أن نعرف أن وظائف الإطار هي إسناد وزن المركبة وامتصاص صدمات الطرقات ونقل قوة الاحتكاك والفرملة والحفاظ على مسار الاتجاه والحفاظ عليه، ولأجل القيام بتلك الوظائف يجب أن تزود سياراتنا بإطارات سليمة في كل الأوقات، وأن نزيد من معرفتنا بكل ما يخص هذا الموضوع ونتعرف على أحد الأخطار التي تحيط بنا.

للأسف أقول لا تزال حوادث المرور في السعودية تحصد أرواح الآلاف سنوياً، وبعض المسؤولين يعزي أسباب تلك الحوادث إلى السرعة الزائدة للشباب، وعدم التقيد بقواعد وإرشادات المرور فقط، داعياً السائقين إلى أخذ الحيطة والحذر من السرعة الزائدة حفاظاً على سلامة أرواحهم. والأرقام تتصاعد للحوادث المرورية، وتتعدد أسبابها، وما خلفته تلك الحوادث من قتلى ومعاقين ونساء أرامل وأطفال يتامى. ومسجونين معسرين، ومليارات الريالات من الخسائر المادية. وقال أحد الصغار الحاضرين معنا في المجلس بتهكم: (أغلب الناس ما يموتون في المستشفى أو على السرير، أغلبهم يموتون في سياراتهم)، فهل هي الحقيقة؟

أيها القارئ الكريم، اسأل نفسك عدة أسئلة منها: هل تعلم أن قيادة السيارة، فن وذوق وآداب؟، وهل لديك خبرة عن شراء واستخدام الإطارات؟، وما هي معلوماتك عن قواعد الاستخدام السليم للإطارات؟، وكذلك، ما هي الخواص الفنية للإطارات المستعملة في بلادنا؟

هناك عوامل تسبب تلف الإطارات منها أن انخفاض الضغط في الإطار يسبب ارتفاع درجة حرارته عن معدله المطلوب؟، الذي يعتبر من أهم عوامل التلف المسببة للحوادث لأن ما يحدث هو تفسخ مداسات الإطارات الناجم في الأساس عن نقصان ضغط الهواء فيها، لأن ضغط الهواء المنخفض في الإطار يؤدي إلى زيادة انثنائه وزيادة درجة حرارته.

كما أن هناك خطورة في إهمال تلف الإطار الناتج عن تآكل السطح الخارجي له، فالإطارات التي يقل مداسها عن 16-1 من البوصة (1.5 ملم) لا تعتبر مأمونة، وأن تأثير العوامل الخارجية مثل حرارة الجو التي تسبب حرارة سطح الطريق وعدم وضوح معالم الطريق يؤدي إلى تعرض الإطارات للتلف.

وبجانب تلك العوامل هناك نقص في إنشاء محطات محترمة للكشف والصيانة للإطارات، وكذلك هناك نقص في معرفة مستخدمي السيارات بقواعد صيانة واستخدام الإطارات المركبة في سياراتهم التي تحددها مواصفات الشركة الصانعة، والتي تؤثر على زيادة التعرض للحوادث الناتجة عن تلف الإطارات، لذلك يجب على جميع وكلاء السيارات من إنشاء المزيد من هذه المحطات المحترمة على أغلب الشوارع الرئيسة في المدن وبجانب القرى (لأنه للأسف المحلات الموجودة حالياً لا تليق ببلادنا ولا حتى تليق ببلدان العمالة التي تشغلها).

هناك دراسات أجريت تهدف إلى التعرف على أسباب حوادث السيارات أثناء السير، وتبين من تلك الدراسات أن تلف الإطارات وعدم العناية بها وانفجارها يعتبر أحد الأسباب الرئيسية لحوادث انقلاب السيارات في المملكة العربية السعودية، حيث تبلغ نسبة حوادث تلف الإطارات ما يقارب 45% من الإصابات ونسبة 40% حالات وفاة، وتتلخص أسباب تلف الإطارات في ثلاث نقاط رئيسة هي: نقص الهواء داخل الإطار، والصيانة غير الجيدة للإطار، والإطارات غير الصحيحة (تصنيف درجة الحرارة A, B,C لأن الإطار الذي يحمل الرمز A يعني تحمله درجة حرارة مرتفعة).

هل تصدقون أن هناك 13 مواصفة قياسية سعودية تحدد اختيار إطارات السيارات منها خمس مواصفات لإطارات سيارات الركوب وثلاث لإطارات الشاحنات والحافلات، واثنتان لمقاييس ضغط إطارات المركبات وواحدة تحدد اشتراطات تخزين الإطارات، وكذلك هناك مواصفة تتعلق بالإطارات المجددة، وطرق اختبارها، إضافة إلى المواصفة القياسية التي تتعلق بالعجلات والإطارات الاحتياطية المؤقتة وطرق اختبارها.

ومع وجود تلك المواصفات إلا أن هناك محلات تبيع الإطارات المغشوشة، مما يجعلني أتساءل هل يوجد في بلدنا (تجار الشنطة) الذين لا شغل لهم إلا الدوران في العالم على جميع أنواع الشركات، وشراء مخازن مليئة بالبضاعة التالفة Stock لأن أي سلعة تخالف شروط التصنيع، في العادة تعزل ولا تصدر من المصنع، وإنما توضع في مخازن وتباع بأرخص الأسعار لتجار لا يخافون الله، ولا تهمهم أرواح البشر، وهم بدورهم يبيعونها بأسعار رخيصة، وهي في عرض البحر، لم تصل بعد، إما لبعض التجار، أيضاً من ذوي النفوس الضعيفة أو لبعض المحلات المليئة بالوافدين من ضعاف النفوس أيضاً الذين همهم المكسب المادي، ولا تهم الكثير منهم حياة البشر. المصيبة الكبرى أن هذا يحدث في الكثير من المنتجات الصناعية والطبيعية، مثل تجارة الخزف والسراميك وماركات الملابس الشهيرة، والأغذية واللمبات الكهربائية وغيرها الكثير من البضائع المعطوبة أو المغشوشة أو التي قاربت نهاية صلاحياتها، أو حتى المنتهية صلاحياتها، والتي يغيرون تاريخ الصلاحية، انظروا في كل مكان تجدون المقلد والمغشوش، والمعطوب.

مثلاً هل تصدقون أنه في دراسة للمرور وجدوا:

- أن 20% من الوفيات في الحوادث المرورية نتيجة انفجار إطارات السيارة.

- أن 15% من مستخدمي الإطارات المنفجرة يستخدمون نوعاً من الإطارات لا يصلح سوى للمناطق الثلجية. وأتساءل مع غيري من المسؤول عن إدخالها البلاد، وإذا لم يكن هناك ما يمنع من دخولها البلاد فتلك مصيبة، وإذا كان القانون يمنعها من الدخول فالمصيبة أعظم. قد يقول قائل وكأنه يعلم الغيب أنها جلبت من أجل الثلوج التي سقطت على شمال المملكة في شهر يناير من عام 2008م. كما أتساءل أيضاً هل هناك كشف دقيق على عينات عشوائية منها قبل جمركتها، هل مسؤولية المواصفات والمقاييس تتوقف عند وضع المواصفة فقط، وما هي مسؤولية وزارة التجارة، والجمارك و.. و.. لأن بعض الإطارات غير صالحة للاستخدام في المملكة ومع هذا نجدها تدخل وتباع، وللأسف يستغل جهل المستخدم وتتعرض حياة الملايين للخطر. كما أتساءل، من المسؤول عن تشديد الرقابة على محلات بيع إطارات السيارات، هل سيكون لجمعية حماية المستهلك دور في ذلك، وهل يستطيع رجل المرور أن يعطي مخالفة لشخص يقود سيارة عليها إطارات تالفة أو من نوع رديء قد يتسبب في وقوع حوادث.

- وأن تحميل السيارة فوق طاقتها من ركاب وخلافه أكثر من المحدد يسبب ضغطاً على إطارات السيارة الذي قد يؤدي إلى انفجارها.

ومع أنني أعرف أنه ممنوع الحمولة الزائدة على الطرق السريعة في بلادنا، وأن هناك محطات لوزن الشاحنات، إلا أن هناك من يخالف ويفلت من رجال المرور الطيبين، لذلك هل أخذ في الاعتبار أن رصد المخالفين من مسؤولية الشركات المقترحة لرصد المخالفة المرورية، هل تعرفون أنه في كثير من البلاد الأخرى تعطى مخالفة لمن يحمل حمولة من الأشخاص أو المواد الزائدة عن الحمولة العادية، وتوقف السيارة، وتضاف نقاط سوداء لسجل السائق، فهل يطبق ذلك مرورنا بحزم؟

المرور لا ينبغي أن تقتصر مهمته على تحرير وثيقة مخالفة أو أن يحرك (الونش) لرفع السيارة في الشوارع، أو التأكد من أن الرخصة مجددة، بل إن من الواجب أن نسألهم لماذا تنفجر إطارات السيارات مع أنها جديدة؟ وما مدى جودة وملاءمة الإطارات وقطع الغيار المستوردة والسيارات لمناخ بلادنا؟ قد يقول أحدهم: إن هذا مسؤولية التجارة والجمارك أو حماية المستهلك، وأنا أقول اليد الواحدة لا تصفق، فكل شيء يقلل الحوادث المرورية مسؤولية المرور، يتعاون مع غيره، أو يعمل منفرداً، المهم أن تقل نسبة الحوادث وذلك بإزالة أغلب مسبباتها. هل هناك ما يمنع من أن تمر سيارات المرور أو مندوبي التجارة أو البلديات على محلات بيع وإصلاح الإطارات عندما تسنح الفرصة لهم لمعرفة هل هناك مخالفة أم لا حتى يشعر هؤلاء الوافدون أن عين الدولة تتابع ما يقومون به. ولنفترض أن هناك رقابة من جهة ما، أتساءل هل تدرب وتعلم من يقوم بالتفتيش على تلك المحلات على الإلمام بالمواصفات الثلاث عشرة للإطارات، وإذا كان هناك جهة تقوم بذلك لكنها لا تقدر أن تقوم بالعمل لقلة الموظفين لديها، هل فكر في فتح باب التطوع للمواطنين للمساعدة في ذلك أو حتى المساعدة في أمور كثيرة أخرى كمساعدة رجال الأمن، أو المساعدة في ملاحظة تسرب المياه لوقف هدرها في بلادنا، أو أن هناك ما يمنع ذلك.

المهم يا عزيزي القارئ للحفاظ على الإطارات، افحصها مرة كل شهر على الأقل، وعند كل سفرة طويلة، كما تأكد من هواء الإطار حين تكون باردة، وأفضل وقت لإجراء هذا الفحص هو قبل قيادة السيارة، خاصة في الصباح عند خروجك من المنزل باستعمال مقياسك الخاص من النوع الجيد، ويستحسن تعبئة الإطارات بغاز النيتروجين (لأنه يساعد في خفض درجة حرارة الإطار لبرودته).

كما تأكد من صلاحية الإطار ويؤخذ بعين الاعتبار تغيير الإطارات كل 50 ألف كيلومتر بالإضافة إلى فحص أو تغيير الإطار الاحتياطي. وعند تغييرها يجب استعمال إطارات من نفس الحجم والنوع في جميع العجلات، وتذكر دائماً أن الإطار الجيد يتحمل الكثير من الصدمات، وأنه يخدم مدة أطول ويظل بحالة مأمونة إذا حرصت على الاعتناء به. وتذكر أن صانعي الإطارات لا يوصون بتركيب إطار داخلي في الإطارات التي بدون إطار داخلي (تيوبلس) حيث إن ذلك قد يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الإطار ومن ثم تلفه قبل أوانه، ولذلك احرص دائماً على إصلاح الإطارات في ورشة محترمة حتى تضمن أن الإصلاح قد تم حسب الأصول.

وانظر إلى مقياس مؤشر الحرارة المعتمد في المملكة والذي يحمل الرمزA وموجود على جانب الإطار، ومتابعة عمق السطح الخارجي والتشققات والتلف من حين لآخر، وتبديل مواقع الإطارات كل 10 آلاف كيلومتر، الأمام إلى الخلف والعكس، والأمامي الأيمن إلى الخلفي الأيسر، ويراعى معها الترصيص ووزن الأذرعة وفحص الإطارات.

ويجب أن تعرف أن لكل إطار رموز للسرعة والحرارة وتاريخ الإنتاج ونوع المركبة الصالحة لهذا الإطار يجب أن تتعرف عليها، وأكرر يجب. وتجنب زيادة الحمل عن الحد المقنن، واتباع الإرشادات الخاصة بضغط الإطار طبقاً للضغط الموصى به من الشركة الصانعة للسيارة والموضح في كتيب السيارة أو في الملصق الموجود بالسيارة وعادة ما يكون على حافة الأبواب الأمامية، والالتزام بالحدود المسموح بها للسرعة، كما تجنب اصطدام الإطار بالأجسام الصلبة كالأرصفة والحجارة، كذلك تجنب الوقوف المفاجئ أو السرعة المفاجئة، والحرص على الاختيار السليم للإطار وخاصة: السرعة والحمل ودرجة الحرارة وتاريخ الإنتاج كما ذكرت سابقاً.

أما إذا تلف أو انفجر إطار أثناء القيادة لا قدر الله فعليك أن تشغل أضواء الطوارئ، وأن تمسك عجلة القيادة بقوة بيديك الاثنتين، وأن تحافظ على السير في نفس المسار الذي أنت فيه، وترفع قدمك عن دواسة البنزين ولكن لا تضعها على دواسة الفرامل، وتخرج ببطء من الطريق إلى مكان مأمون لتغيير الإطار.

وشكراً للقيادة الرشيدة التي وافقت وفعلت الدور الرقابي والتوعوي لجمعية حماية المستهلك التي ستلعب دوراً في هذا الموضوع وتضع حداً لبعض الممارسات القذرة التي يمارسها من لا ضمير لهم التي طالبت مراراً بإنشاء وتفعيل دور جمعية حماية المستهلك في مقالات عديدة، كان آخرها بعنوان اقتراح (إنشاء وزارة الغذاء والدواء) الذي نشر بجريدة الجزيرة بتاريخ 29 من سبتمبر 2007م، العدد 12784، أي منذ أربعة شهور فقط، وقلت في آخر المقال (كما آن الأوان لتعطي جمعية حماية المستهلك كافة الصلاحيات لمتابعة ومراقبة ومقاضاة كل مقصر من الأجهزة الرقابية، وكذلك كل مصنع أو تاجر أو مستورد جشع للمواد الغذائية وغيرها، لترد للمستهلك اعتباره على أسس نظامية وقانونية واضحة، وليثق المستهلك أن هناك من يقوم نيابة عنه بملاحقة المقصرين والمتهاونين بصحته وحياته، وحتى يطمئن ولاة الأمر في بلادنا على سلامة وصحة المواطنين وينام كل مسؤول ومواطن وحتى الحيوان في هذه البلاد قرير العين).وأرجو أن يلاقي الاقتراح التالي قبولاً لدى الإدارة العامة للمرور، وهو: إعادة النظر في الاختيار التحريري والشفهي للمتقدمين للحصول على رخصة سير أو ملكية وعلى الأقل:

(أن يكون من ضمن شروط الحصول على رخصة القيادة أو رخصة سير المركبة جديدة أو تجديدها، قدرة من يتقدم على الإجابة في الامتحان التحريري عن أي سؤال يتعلق بالاحتياطات الضرورية لمنع تلف الإطارات ومواصفات الإطارات، وأي معلومات قد تفيد في تقليل الحوادث) طلب بسيط تنفيذه لا يتطلب أموالا، ولكنه سيساعد في التقليل من تلف الإطارات وفي توعية المواطن والمقيم بالمواصفات الجيدة لها، وسيقلل من الأعداد الرهيبة من الوفيات على الطرق، وستتغير نظرة ذلك الصغير الذي قال: (أغلب الناس ما يموتون في المستشفى أو على السرير، أغلبهم يموتون في سياراتهم).

وأخيراً أصرخ ولا أهمس في أذن كل غيور على بلادنا الحبيبة من المسؤولين، هل ترضى بأن تصبح المملكة العربية السعودية مكباً للمواد المقلدة والمغشوشة، والمعطوبة، وللسيارات المصنعة أصلاً للدول الأوروبية والأمريكية والمخالفة للمواصفات السعودية؟




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد