لعمرك ما الرزية فقد مال |
ولا شاة تموت ولا بعير |
ولكن الرزية فقد فذ |
يموت بموته خلق كثير |
ما إن سمعت خبر وفاة شيخنا العلم النحرير الفذ العلامة بكر بن عبدالله أبو زيد عضو هيئة كبار العلماء سابقاً رحمه الله وأنزل عليه شآبيب رحمته إلا وتذكرت قول الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم: (إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يترك عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا). |
فهذا الحديث يجسد الحدث والمصاب الجلل والألم الذي حلّ، ففقد العلماء ليس كفقد غيرهم! أليسوا هم الموقعون عن رب العالمين؟! أليسوا دليل السالكين لأرحم الراحمين؟! أليسوا ورثة الأنبياء؟! أليسوا سبب حفظ الله للبلاد من كيد الأعداء بعلمهم وأمرهم ونهيهم ومدافعتهم الباطل وأهله؟! |
ف(موت العالم ثلمة في الإسلام لا يسدها شيء ما طرد الليل والنهار) كما قال الإمام الحسن البصري رحمه الله. |
حق لنا أن نقدم العزاء للأمة الإسلامية عامة ولأهل بلادنا الغالبية خاصة؛ بفقد أحد رموزها وعلمائها الصادقين، المتميزين بالعلم الغزير والتواضع الجم، المحبين لدينهم وبلادهم والمنافحين عن مبادئهم وثوابتهم، في وقت أضحت فيه المبادئ حمى مباحا لكل من خطرت له فكرة فسودها في صفحة، ممن لا يعنيهم الانتماء ولا تستهويهم الثوابت! |
لقد تصدى رحمه الله لكل ناعق يريد تغريب الأمة وسلبها مقوماتها، وبين بالبرهان الساطع تهافت حجج أصحاب البهات ومريدي الشهوات ممن يحيون الفتن ويظهرون البدع ويحبون إشاعة المنكر، من خلال مؤلفاته الرابعة التي جمعت بين جزالة اللفظ ووضوح الفكرة وقوة الحجة ومعايشة الواقع، إيمانا منه بأن ذلك من الجهاد الذي أمر الله به في قوله: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ}. |
وقد جاهدهم رحمه الله وبين خططهم وألاعيبهم ونواياهم السيئة، بذهنية متقدة وهمة عالية وبحث دؤوب، ليكون المسلم على دراية بهم وحذر منهم. |
لا أستطيع في هذه العجالة أن أحصي مآثر شيخنا رحمه الله ولكن حسبك من القلادة ما أحاط بالعنق ولعلي أردد مع الشاعر: |
إذا مات ذو علم وتقوى |
فقد ثلمت من الإسلام ثلمة |
وموت الحاكم العدل المولى |
بحكم الأرض منقصة ونقمة |
وموت فتى كثير الجود محل |
فإن بقاءه خصب ونعمة |
وموت العابد القوام ليل |
يناجي ربه في كل ظلمة |
وموت الفارس الضرغام هدم |
تشهد له بالنصر عزمه |
فحسبك خمسة يبكى عليهم |
وباقي الناس تخفيف ورحمة |
أسأل الله العلي العظيم أن يغفر لشيخنا ويرحمه ويجعل قبره روضة من رياض الجنة وأن يجعل علمه وخدمته للدين حجة له ورفعة في درجاته، وأن يرزقه الفردوس الأعلى من الجنة. |
|