الأحساء أو منطقة الأحساء، كما يحلو للكثير من أهلها أن يسميها، ها هي تفتح ذراعيها بكل ما أوتيت من إمكانيات متهالكة لكي تثبت وجودها السياحي، نعم إنها بلد السياحة، التي عرفها أبناء المملكة والخليج عبر التاريخ بمياهها العذبة وأراضيها المنبسطة وأريحية أهلها التي اعتادت السماحة والكرم.. إنها ما قيل عنها (ليالي هجر ونهار إسطنبول).
في هذه العجالة السريعة يطيب لنا أن نذكِّر بأماكنها السياحية لعلنا نصل إلى الهدف المنشود، وهو الرقي بالسياحة في بلدنا إلى أعلى المستويات.
جبل القارة كهوف تقف شامخة عبر التاريخ بهوائها العليل، تحفه النخيل من جميع الجهات لتقول ها أنا ذا أمام الجميع وقد مُلئت خجلاً أمامهم فلا أستطيع أن أقدم لضيوفي الأعزاء ما يسد حاجتهم ويتوقون لرؤيته؛ فالألعاب عفا عليها الزمن، ودورات المياه لا يمكن الحديث عنها، والكهرباء وصلت وتوقفت، وصلت للبداية وتوقفت بلا تقدم يذكر، والمغارات لم تجد من يناجيها في ظل عدم الرعاية، (التلفريك) اسم مشروع سمعناه ولم نره على الواقع، وأصبح أحد الأحلام، ومشروع حجز الرمال نعم ستطمره الرمال بعد أن هجرته الجهات المسؤولة ترتيباً وتنظيماً، والمشتل ها هو عبر سنوات عديدة يقول مكانك قف، ومسجد جواثا هل يكفي ذكر اسمه على خريطة الأماكن السياحية في الأحساء مع أنه ثاني مسجد أقيمت فيه صلاة الجمعة في الإسلام فلا يزال في طريقه الأوحد، وإمكانياته لا تعكس قيمته السياحية، وعيون الأحساء ها هي تجف الواحدة بعد الأخرى وتحتاج إلى طبيب استشاري في العيون ليداويها مما أصابها، أم أنها أعيت من يداويها؟ والأسواق الشعبية ثروة غالية بحاجة إلى أن تمتد إليها يد العناية البشرية تنظيماً وترتيباً، سوق القيصرية كان أحد الأسواق العامرة، وامتد عبر السنين، ولكن النار امتدت إليه لتحرق قلوب أصحابه قبل أموالهم، ورغم الكلام الكثير عن إعادة إعماره والمداولات إلا أن العين لم ترَ ما يثبت ذلك على أرض الواقع المرير الذي يعانيه أهلها سنة بعد أخرى، ولا حول لهم ولا قوة إلا بالله، بحر الأحساء أو العقير قريب من القلب بعيد عن العين، استخدمت مياهه حبراً للكتابة عنه، وأخشى أن يجف هذا الحبر ولم نجد الجواب الشافي على أرض الواقع، مظلات بعدد الأصابع وبلا خدمات مذكورة.. ليس هذا ما ينشده مليون ونصف مليون من أهل البلد والجاليات المتواجدة من عرب وغيرهم، الخطوط الزراعية لم تثبت جدارتها؛ فلم تنشأ على جوانبها ما يجذب السائح أو المصطاف من جلسات ترفيهية وملاعب للصغار والكبار بدل اللعب في الشوارع وأمام المساجد، ولا تزال نخيلها ترفع أكفها راجية رحمة المولى القدير أن يلطف بها ويتحقق (أكرموا عمتكم النخلة)، مشروع الري والصرف هل اكتفى بري بعض المزارع ليزيد من تعاسة هذه النخلة ويقلل من إنتاجها ويزيد من تردي أسعار التمور؟ أين التطوير السياحي من هذا المشروع؟ قصر إبراهيم هل هو الوحيد في الأحساء حتى يحصل على بعض الرعاية المطلوبة ويفتح أبوابه بين حين وآخر؟ فأين البقية في الهفوف والمبرز والعيون؟ أم يكفي عينة واحدة؟ وأين خدمات مطار الأحساء؟ هذا المطار الدولي بإمكانياته وتجهيزاته.. ليس هذا ما يسد حاجة الأحساء بمدنها وقراها وبما تحويه من عمالة، فهل تزداد الرحلات وينعم أهلها بالتنقل إلى أهم مناطق ومحافظات مملكتنا الغالية رغم جهود القائمين عليه أولاً وآخراً؟ بل وأين المجمعات التجارية التي لم تصل إلى الذوق الرفيع الذي يعكس السيولة المادية لدى أهلها؟ إلا أنهم أبوا إلا أن تشد الرحال إلى أقرب المجمعات في الدمام والخبر، تاركين الأحساء في مجمعات صغيرة وبمواقف قليلة لا تفي بالغرض المنشود.
ما مستقبل الأحساء السياحي، خاصة بعد أن استدار عنها طريق قطر وقلّت السيارات القادمة لتذهب عنها يميناً وشمالاً؟ رجال الأعمال قد كفوا أيديهم عنها إلا بالنزر اليسير ممن أثبتوا ولاءهم للوطن وأصبحت لهم اليد الطولى في بعض المشاريع، ولكن البقية هل ستحذو حذوهم أم أنها المادة التي تأخذ عقول البشر؟ فكيف سنبني سياحة والمصدر السياحي مهمل من حيث الخدمات؟.. وسؤالنا عبر كلمات الحب والغيرة للوطن: أين نحن من تطوير هذه السياحة ولدينا كل الإمكانيات؟ ولماذا نطلق لأنفسنا العنان بالسفر خارج الأحساء بل خارج المملكة بحثاً عن الترفيه الذي ينشده كل مواطن لأبنائه وذويه بعد عناء العمل وأثناء الإجازات؟ كل ما ننشده هو زيارات المسؤولين لهذه المواقع الحيوية، كل في موقعه، وإننا لعلى يقين بأننا سنمتع قلوبنا بمناظر جميلة.. وأبشري يا أحساء الخير؛ فهناك مَن يخطط ويبتكر المشروع تلو الآخر في سبيل التطوير السياحي، وستكون الأولية لجميع هذه الأماكن السياحية، فهنيئاً لنا برجالنا المخلصين الذين عودونا العمل لكل ما من شأنه رفعة وازدهار هذا الوطن.