دعاني بعض القراء الأعزاء للكتابة عن موضوعين , أولهما البطالة التي يعيش فيها كثير من الشباب في بلادنا..
والآخر الدروس الخصوصية التي تفشت ظاهرتها ولحقت بطلاب الجامعات وأساتذتها..
ولئن كانت الظواهر تنطق فتكسب سمتها , فإن منها ما يبقى رهين التكتم حتى وإن سرى كالنار في الهشيم وتلك حال الدروس الخصوصية في المستويات الجامعية.. ذلك لأنها في المراحل الأدنى قد تعرضت لحلول رسمية حين عملت وزارة التربية والتعليم منذ سنوات على إنشاء برامج تقوية للطلاب بحيث تقوم بالتدريس الإضافي العلني احتواء لهذه الظاهرة غير أنها لم تستطع في تصديها أمر القضاء عليها..
ولئن كانت البطالة قد وضعت لها حلول مبدئية هي سعودة الوظائف وتحريض القطاع الخاص بتشغيل المواطنين وقيام بعض الوزارات والمؤسسات بتبني توظيف الشباب السعودي إلا أن الظاهرة لا تزال قائمة والعراقيل لا تزال تمد رؤوسها في أفواه الحلول.. ولعل أولها تقييد الشباب بضرورة إتقان اللغة الإنجليزية وجعلها عتبة المفاضلة في ولوج باب الوظيفة أو إغلاقه.. ولئن كانت ضمن ضرورات خبرات الفرد مع المتغيرات الراهنة إلا أنها ليست الأوْلى عن أمر تمكين المواطن من وظيفة تحقق له المعاش و الاستقرار.. فهناك مئات الشباب ممن يحملون الدرجات الجامعية ولديهم دورات وحصلوا على خبرات مختلفة لكن أبواب الوظائف في القطاعات الخاصة موصدة أمامهم لعدم إتقانهم اللغة الإنجليزية في الوقت الذي لا يشترط على مواطني الدول في العالم عند العمل إتقان العربية ليتمكن أبناؤها من العمل..
ولئن قيل إنها لغة العصر والتجارة والعلم والتقانة ونحوه فلا بأس من هذا الافتراض.. لكن يتطلب أن يفرض المسؤولون على هذه القطاعات تمكين المواطنين من العمل وإخضاعهم لدراسة اللغة في برامج تعدها مؤسسات القطاع الخاص أو تهيئها لهم... و جعل هذا الفرض أحد واجبات وظائف القطاع الخاص لا أحد شروطها.. أما الوظائف الرسمية فهناك أولويات يؤخذ بها ومنها نسب معدلات الدراسة في وقت أثبت الواقع فيه أن هذه المعدلات ليست الأساس عند محاكات العمل الفعلي...
لذلك نجد مئات ينتظرون الدور وقد سبقهم حديثو التخرج لأسبقية نسب المعدلات وتزداد البطالة ويدخل أبناؤنا في الشعور بالاحباط والحاجة....
في الوقت الذي يتهافت طلبة الجامعات على محاولة الحصول على معدلات تضمن لهم مقعدا للوظيفة فيلجأون مع عدم وجود الوازع الداخلي لدى كثير ممن يعلمونهم للدروس الخصوصية التي لابد أن تلتفت لها الجامعات وتحد منها فقد تفشت وإنكارها لا يؤيده خوف الطلاب على أنفسهم أوخوف أوليائهم عليهم..
فيدفعون لهم ولا يتكلمون ضمانا للنجاح... فالمسؤولون في الجامعات لابد أن تكون لهم خططهم التي بها يكتشفون هذا المرض العضال الذي ينتشر...
ولئن قضت البطالة مضجع كل من ينتظر أو يسعى ولايجد وظيفة....
فإن الدروس الخصوصية لابد أن تؤرق المربين لمعرفة كيف يمكن أن تكون المؤسسات التربوية مصادر خبرات لا قصور فيها يؤدي إلى هذه الظاهرة ولعل منها ما يتعلق بفروق الطلاب الفردية وقدراتهم بمثل ماهي فروق المعلمين ومهاراتهم , ومنها كثافة عدد طلاب الفصول بحيث لا يتمكن المعلمون من تنفيذ الدروس بشكل يحقق الأهداف... ومنها ما يرتبط بنوع الخبرات ومتطلبات إجراءاتها داخل الفصول , وثمة عوامل خارجة عن كل ذلك تحتاج لنهضة إصلاحية في المؤسسات التعليمية... أما هذه الظاهرة حين تتفشى في الجامعات فإنها إنذار من نوع أشد حرجا وأكثر تحذيرا... فمن ينظر للأبناء وهم بين كماشتي الشهادة والوظيفة... المعدل واللغة الأجنبية...؟