من النادر أن ينحدر التعليم ويتراجع في أي بلد بعد أن يكون وصل إلى مستوى متقدم من الأداء والفاعلية، فلا يمكن منطقياً لأي أمة أن ترضى وتقبل بتخلف تعليمها وعودته إلى مستويات متدنية بعد أن كانت تذوقت طعم مكاسبه العظيمة وعوائده التنموية الهائلة. في التعليم هناك دائما نقطة اللاعودة، عندها تكون الأمة قد اقتنعت تماماً بأن تعليمها هو سبب شقائها وهو سبب تعاستها، فتواصل بكل زخم ممكن تطور تعليمها وتجويده.
أرجو أننا نقترب بتعليمنا حالياً من نقطة اللاعودة، وإذا كان لي أن أحدد أهم ثلاثة عوامل تحسم مستقبل التعليم فسأقول إن آليات اختيار القيادات التعليمية (بدءاً بالمعلم وانتهاءً بالوزير) تأتي أولاً. عندما يتخلف التعليم أو يتقدم فلا أحد يتردد في إيعاز ذلك إلى القيادات التعليمية بالدرجة الأولى.
العامل الثاني في تطوير التعليم هو (المساءلة)، بغياب المساءلة ينخفض أداء القيادات التعليمية مهما كانت كفاءتها.
أما العامل الثالث فيتعلق بنقد التعليم. يجب أن نفتح الأبواب والنوافذ للنقد، نعم قد يدخل مع هذه الأبواب ناعقون كثر، لكن ذلك يجب ألا يحرم تعليمنا من البحث عن الحقيقة من أي جهة أتت.
وهناك دائما من الحكمة ما يغربل النقد الهادف البناء من غيره.