Al Jazirah NewsPaper Saturday  09/02/2008 G Issue 12917
السبت 02 صفر 1429   العدد  12917
صالح السعوي: الحبيب الذي فقدناه
عبد الله بن محمد السعوي

في صباح يوم الخميس التاسع من شهرمحرم 1429هـ كان للعم صالح بن سليمان السعوي موعد مع الموت, فتوقف قلبه الطاهرعن الخفقان, وانسلت روحه مغادرة إلى بارئها, في هذا اليوم توقفت دقات قلبه مؤذنة بانتهاء حقبة مديدة من عمره, في هذا اليوم فاضت روحه -بإذن الله - إلى جنة عرضها السموات والأرض إن شاء الله، وداعاً أبا سليمان فلن نراك في هذه الدنيا بعد اليوم, لن تحضرمعنا في مناسباتنا, ولن تدخل بيوتنا, لن نعانقك, ولن نقبّل جبينك, ولن نتشرف بالجلوس معك, ولن نتبادل معك أطراف الحديث, وداعا أبا سليمان فلن نرى وجهك الصبوح, وابتسامتك الأنيقة التي كانت باستمرار ترتسم على شفتيك, وداعا أبا سليمان فقد رحلت عنا إلى لقاء ربك الذي هو أرحم بك منا, وداعا أبا سليمان, فليس لنا لقاء بك إلى يوم القيامة, وداعا أبا سليمان, فستفتقدك المساجد العديدة, التي صليت فيها إماماً للمصلين, وعفرت فيها وجهك من كثرة سجودك لربك, وداعا أباسليمان, فقد أفضيت إلى ما قدمت, توقف قلبك, وشخصت عيناك, وجسدك النحيل امتد على الثرى, أبا سليمان إن رحلت عنا, فسيرتك المشرقة, وذكراك العطرة, ما زالت ولن تزال متجذرة في أذهاننا.

عبر هاتفي المحمول تلقيت رسالة من أخي البار (سليمان) الذي نقل لي خبر وفاته, فكان لهذا الخبر وقع عظيم, ارتعش له القلب, واهتز لأجله الكيان, إنه خبر فاجع ونبأ مذهل, أحدث حزنا أخذ امتداده في جنبات النفس, ولكن العزاء أن الموت حقيقة وجودية - لا صفة عدمية - هو القانون الحتمي الذي لا محيد لمخلوق عنه.

إلا أنها إرادة الله, ولا راد لقضائه, ولا معارض لحكمه, فله ما أعطى وله ما أخذ, هو وحده سبحانه المتفرد بالبقاء, لقد هالني وقع المصاب, وتعسر علي استيعاب الحدث, فالفراق مؤلم, والوداع جارح, لقد اعتراني نوع من وجوم الإحساس, في السنوات الأخيرة اشتد عليه المرض, واستشرى عليه البلاء, وتفاقم الابتلاء.

انشغل عنه الآخرون, وتركوه وحيدا ولكنه مع ذلك ظل صابرا متوكلا لا يجزع ولا يشتكي.

لقد كان لديه قدرة عجيبة على كتم آلامه وإخفاء أحزانه.

عندما يكون حزينا يخفي حزنه وراء تلك الابتسامة, يفضل أن يمارس حزنه سرا؛ ضبطته أكثر من مرة وهو في غاية الحزن, لكني لم أتجرأ على سؤاله عن سر حزنه.

بل أتوارى سريعا حتى لا أشعره بأني قد كشفت ضعفه.

لقد كان رحمه الله يحمل بين جوانحه قلبا سليما خاليا من الحسد والكبر الحقد, وأمراض القلوب التي قل من يسلم منها, عُرف عنه هدوء الطباع وقلة الكلام والبعد عن الغيبة, يقدر الصغار كما يقدر الكبار, الجميع لديه سواسية.

ليس لديه رحمه الله تطلع فضولي, كان يكره التطفل على الآخرين, أو محاولة اقتحام خصوصياتهم.

دائما ما تزين محياه ابتسامة لا تكاد تغيب, ابتسامة صامدة في أوقات الفرح وفي أوقات الحزن أيضاً.

كان الفقيد إماما وأخوه مؤذنا. تأثر محمد تأثراً كبيرا بوفاة أخيه, وظهر بعد دفنه, بصوت متحشرج, وبعين ذارفة, التفت إليه في المقبرة ذات نظرة, بعد أن أهلنا التراب على الفقيد فشاهدت موجا هادراً من دموعه الصامتة, وفي الختام, وفي هذه المناسبة, أرفع أحر التعازي إلى أسرة السعوي الكريمة, وإلى إخوته وأخواته وذويه, وإلى زوجته الصابرة فاطمة السعوي المعروفة بطيبتها, ودماثة خلقها, ونقاء سريرتها؛ إننا نرفع أكف الضراعة إلى الله, أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته, وأن يسكنه فسيح جناته, اللهم اغفر لأبي سليمان, وارفع درجته في المهديين, واخلفه في عقبه في الغابرين, واغفرلنا, وله يا رب العالمين, وافسح له في قبره, ونورله فيه, آمين.






 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد