هذا الموضوع المهم الذي يؤرق مجموعة كبيرة من مستثمري العقارات في المملكة العربية السعودية التي سعت - أيدها الله - إلى كفالة حقوق هؤلاء المستثمرين من المستأجرين الذين يماطلون في دفع الأجرة المستحقة لأشهر عدة من تاريخ الاستحقاق لأصحاب الأملاك العقارية؛ حيث أصبحت المماطلة في دفع الأجرة تشكل هماً كبيراً على المستثمرين وعبئاً ثقيلاً على الحقوق المدنية والمحاكم الجزئية، والتي تتزايد أعدادها ولا يتم إنجازها إلا بالنزر اليسير بل القليل جداً من تلك المطالبات التي تدخل في إطار الاستدعاءات المتكررة بالحضور، والتي لا جدوى منها إلا جعل أولئك المطلوبين يفرحون غاية الفرح بطول المدة التي تجعل صاحب العقار (تحت رحمتهم)؛ ليطلب خروجهم من السكن، ولو بإعفائهم من الأجرة المستحقة عليهم ستة أشهر أو سنة كاملة. وأقولها من واقع ما عرضه عليّ بعض الإخوان من معاناة قاسية بكثرة التردد على موظفي الحقوق المدنية والمحاكم الجزئية والطلب مني الكتابة حول هذا الموضوع ومن الآخرين من أصحاب القلم والرأي الحصيف أن يساعدوا الملاك على تحصيل حقوقهم المالية التي ترزح تحت وطأة (خذ موعد جديد) أو (قم بتوكيل مكتب تحصيل ديون)، أما الحل الناجح والسريع فلا يوجد - بكل أسف - في الحقوق المدنية؛ إذ لا بدّ من الإجراءات النظامية البطيئة.
لقد رأيت أنه من المناسب الإدلاء بدلوي حول هذا الموضوع المؤرق والمضيف أعباء على أجهزة الدولة التي وضعت في الواقع للأعمال الأمنية لا أن تقحم أقسام الشرطة ودهاليز المحاكم بمراجعي إيرادات المساكن التي وضع بعضهم جزءاً من (شقاء عمره)، إن لم يكن شقاءه كله، عله يدرّ عليه دخلاً آمناً يمكن الاعتماد عليه - بعد الله - في أحلك الظروف، وهذا الرأي هو صدور توجيه كريم من مقام سيدي صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود وزير الداخلية بأن تتولى البنوك إصدار ضمان بنكي باسم المالك قبل إبرام العقد بين المالك والمستأجر يكون مساوياً للقيمة الإيجارية مع إلزام المكاتب العقارية بذلك، على أن يجدد سنوياً؛ إذ إن جميع الأعمال المالية تقوم بها البنوك بدءاً من المرتبات ومعاشات التقاعد ومعاشات مستفيدي الضمان الاجتماعي وتحصيل رسوم الجوازات ورخص القيادة ورخص المركبات والمحافظ الاستثمارية للأفراد والشركات نظير عمولة يحصل عليها البنك مقابل الضمان البنكي، كما هو في العقود المبرمة بين الدولة والشركات والمؤسسات المستحصلة على عقود مع الدولة بآلاف أو ملايين الريالات، والذي كفل حق الدولة. وهذا الضمان لا يفرج عنه إلا بإحضار شهادة من المكتب العقاري موقعاً عليها من قبل المالك بتسلمه كل استحقاقاته المالية. وأيضاً، ومن واقع تعامل البنوك مع جميع شرائح المجتمع من تسلم مرتباتهم الشهرية وخلافها من العوائد المالية، فإنه يستقطع ما يوازي الأجرة الشهرية، كما هو معمول به في أقساط السيارات وأقساط العقارات الممولة من البنك من دون حدوث أي مشكلات في التحصيل؛ لأن الخصم من المنبع وهو راتب العميل أو أي مستحقات مالية أخرى.
هذا الإجراء - بإذن الله - إذا طبق فسيكفل حقوق شريحة كبيرة من المواطنين، ويجعل الحقوق المدنية قادرة على استحصال المبلغ في نهاية المدة الإيجارية بين الطرفين بكل راحة ويسر ودون اللجوء إلى التوقيف أو المطالبات التي لا جدوى منها سوى ضياع أموال المستثمرين.. وفق الله الجميع للعمل السديد، وأنار طريقنا إلى يوم الدين.