تعكس مناقشات فئة الاختصاصيين الاجتماعيين مدى الحرص على دعم النشاط الأهلي الطوعي للعمل في ميدان الإعاقة كواحد من ميادين العمل الخيري والإنساني التي تبذل فيها الدولة جهداً كبيراً لدعمها ونشر خدماتها وتوسيع مراكزها ووحداتها، فهي في سعيها نحو تقديم خدمتها لفئة تحتاجها تؤكد على مدى التفاعل الثقافي الاجتماعي لأبناء وطننا وقيادتهم الأمر الذي يوضح للجميع في الداخل والخارج هوية المملكة الثقافية والاجتماعية وبعدها المذهبي (المعرفي، الفكري، العلمي)، هذه الأبعاد لها مجالات تحقيق تتولاها مؤسسات المجتمع من خلال مشروعاتها وبرامجها ومنهجيتها المنضبطة المعرفية والحياتية بما تقرضه من سلوكيات يومية تؤثر وتتأثر بما هو مستدخل في ذواتنا من أفكار وأساليب وعادات قلبها الحقيقة الثقافية.
إن العمل الخيري الإنساني يعكس عمق التفاعل بين فئات المجتمع المختلفة من أجل النهوض الوطني، ونجد هذا منطبعا كأحد سمات الشخصية السعودية التي تستند إلى الخبرة الوطنية وإلى ذلك المكون الحضاري الذي يتكون من مجموع الانتماءات التي تعمل معا من أجل الوطن ورعاية فئاته المتنوعة.. إنها تعبر هكذا عن المواطنة وتجلياتها.
ومن هذه التجليات جمعية الأطفال المعاقين ذات المكانة العالية بين مثيلاتها في الداخل والخارج باعتبارها نموذجا أمثل في رعاية المعاقين وتتحدد إستراتيجيتها في ثلاثة محاور أساسية هي مقصد ومبتغى الجمعية وغايتها وتتمثل في:
المحور الأول: رعائي علاجي تأهيلي تعليمي وتقدم هذه الأوجه الرعائية من خلال التخطيط لإنشاء مزيد من المراكز المتخصصة فضلا عن تقديم المساندة المطلوبة لأسرة المعاق كي تتمكن من الاستمرارية في التعايش مع المعاق والتعامل المتوافق يسد احتياجاته العضوية والاجتماعية والنفسية.
المحور الثاني: تثقيفي إرشادي توجيهي يعنى بنوعية المجتمع بمفهوم الإعاقة ومسبباتها وطرق الوقاية الأجدى لتلافي وقوعها فإذا ما وقعت تقدم سبل العلاج الناجحة لإمكانية الإعاشة معها وتأهيل ما تبقى للاستفادة النمائية منها.
المحور الثالث: علمي يعتمد على إجراء البحوث والدراسات في مجال الإعاقة والاعتماد على مخرجاتها في وضع المنهجية العلاجية التأهيلية وعمليات تطوير القدرات المتبقية لدى المعاق والتي يمكن تنميتها واستثمارها بصورة أكبر تمكنه من المشاركة في مشاريع التنمية.
وتحدد وسائل تحقيق هذه الأهداف من خلال السير بمخططات مدروسة موضوعية وفاعلها وتذكر أهمها في:
1- انتقاء وإعداد وتأهيل الكوادر العاملة في المجال وتدريبها في الداخل والخارج.
2- الانتشار الرعائي على صعيد المملكة ككل عن طريق إنشاء العديد من المراكز المتخصصة وتزويدها بالمعدات اللازمة وبالأجهزة عالية المستوى.
3- استخدام التقنية المعلوماتية وتحليل البيانات واستخراج المؤشرات وطرق المعالجة الرشيدة، الممكنة والمتاحة.
4- تبادل المعلومات والبيانات والتجارب والإمكانات وغيرها بين الجمعية والجهات المماثلة العاملة في المجال حكومية أو أهلية.
5- ونحو الهدف العلمي يتم السعي لإقامة الندوات والمؤتمرات بمشاركة العلماء المختصين وأصحاب الرؤى والأفكار ليدلوا بدلوهم في مجال الحوار الهادف واللقاءات المباشرة وتلقى التوصيات والتوجيهات التي تدفع إلى التطوير والرقي...
ويتوج هذا الإنجاز العظيم سواء في جمعية الأطفال المعاقين أو في غيرها من الجمعيات والمراكز والمؤسسات العاملة في ذات المجال يتوج هذا العطاء المتميز ويرشد مسيرته (النظام الوطني للمعاقين بالمملكة) الذي ينظم العمل وينسق الأدوار ويختبر المعطيات ويقيس النواتج ويقيم سلوك الإنجاز ويضبط الأداءات.
ومع تعدد الجهات المسؤولة عن هذه الفئة فقد يحدث تباين معها في المنطلقات والخطط والبرامج والأداءات وإن اتفقت فلسفة الرعاية فقد تباين المناهج والمخططات والأنظمة البرامجية وتوحيدا للمسيرة وتحقيقا للأهداف أنشأ مجلس أعلى لشؤون الإعاقة برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله عندما كان وليا للعهد يستهدف التطوير فيما يقدم من خدمات وتخصصات، ومراجعة المناهج والأساليب التربوية حسب المستجد من نظريات، وضع برامج تأهيلية حديثة تتفق مع قدرات المعاق واحتياجات ميادين العمل، واستدخال المستحدث من الأجهزة، التعويضية والمعدات والآلات الطبية التي تبث جدواها ووضع النظم الحديثة في إدارة البرامج والأفراد، وتنظيم عقد الحلقات التدريبية واللقاءات والزيارات والاجتماعات والندوات والنشاطات، ووضع نظم تشكيل المجالس الرئاسية واللجان.