«Bovine Tuberculosis» مرض السل البقري من أهم الأمراض المشتركة التي تنتقل من الحيوان إلى الإنسان، والدرن البقري مرض مزمن يصيب الحيوانات مسببا خسائر اقتصادية كبيرة نتيجة انخفاض إنتاجية الحيوان المصاب بنسبة 25% مما يؤثر على الصحة الحيوانية في البلاد وحدوث أزمات في المنتجات الحيوانية، وفي الإنسان يستمر العلاج شهور طويلة تصل إلى عام كامل وتكلفته المادية عالية بالإضافة إلى انخفاض إنتاجية المريض بنسبة 20-60%.
تم اكتشاف المرض في الإنسان عام 1901م نتيجة تناول منتجات ماشية مصابة بالسل. وفي عام 1909م لوحظ سل رئوي من منشأ بقري وتم عزل عصيات التدرن من النوع البقري من بصاق أحد الجزارين وأحد عمال البناء. وفي عام 1937م تم إثبات أن استنشاق عصيات التدرن من النوع البقري يمكن أن تؤدي إلى حدوث سل رئوي في الإنسان تماما وبنفس التواتر الذي يحدثه استنشاق عصيات التدرن من النوع الآدمي.
وهذا وتعتمد الإصابة بالدرن البقري في الإنسان على مدى حدوث السل في الماشية وكمية الحليب الخام المستهلكة. ولقد ثبت أن ما يقرب من 90% من الأطفال المصابين بمرض السل غير الرئوي (سل الغدد والأمعاء والمفاصل والعظام) يعانون من السل البقري لتناولهم الألبان غير المعاملة بالحرارة أو منتجاتها. كما أفاد تقرير دولي أن مرض السل عامة (الآدمي والبقري) يقتل ما يقرب من 2 مليون شخص سنويا على مستوى العالم والتقديرات المستقبلية تدل على أن الفترة ما بين 2000 و2020م سيصيب هذا المرض ما يقرب من واحد بليون شخص على مستوى العالم منهم 200 مليون سيكونون في خطر الإصابة وسيموت 35 مليون شخص من الإصابة بالسل إذا لم تتخذ الإجراءات الوقائية اللازمة.
حول مرض عصيات التدرن من النوع البقري Mycobacterium
bovis تتأثر الجرثومة بالحرارة ولا تتأثر بالجفاف. كما تعيش في
التربة الرطبة (البول) السماد والمواد العضوية لعدة شهور، وفي الروث لمدة 200 يوم، وفي البصاق لمدة شهور، وفي الغبار لمدة 7 أيام يظل ميكروب السل حيا في الجبن الأبيض كامل الدسم لمدة عام وفي الزبد المملح المحفوظ في الثلاجة على 4ْم لمدة 151 يوم، وفي الماء الجاري عاما كاملا.
قد يصاب الحيوان بالمرض دون ظهور أي أعراض مرضية واضحة لمدة شهور أو سنوات وبذلك يصبح الحيوان مصدراً خطراً لنشر العدوى لباقي الحيوانات والآدميين وعندما تتقدم الإصابة يمكن ملاحظة ما يلي: نقص تدريجي في الوزن، فقدان في الشهية، هزال، نفاخ متكرر ثم دائم، سعال مستمر مع سرعة في التنفس وتضخم الغدد الليمفاوية، يلاحظ أجزاء متحجرة في نسيج الضرع العلوي في حالة إصابته مع تضخم الغدة فوق الضرع مع تغير في قوام اللبن في الحالات المتقدمة ويصاب الحيوان بإسهال والذي لا يجدي معه العلاج. يعتمد تشخيص المرض على إجراء اختبار التيوبركلين حيث إنه من الصعب تشخيص المرض ظاهرياً إلا في الحالات المتقدمة.
الحيوان المصاب هو المصدر الرئيسي للعدوى حيث يُفرز الميكروب في بيئة الحيوان من خلال الهواء المحيط في حالة الإصابة بالسل الرئوي، وفي الفضلات في حالة الإصابة بسل الجهاز الهضمي، وفي اللبن في حالة الإصابة بسل الضرع، وفي البول في حالة إصابة الجهاز التناسلي.
تنتقل العدوى إلى الإنسان من خلال تناول اللبن الخام أو غير المبستر ومنتجاته، أو اللحوم ومنتجاتها غير المطهية جيدا والمحتوية على ميكروب السل، أو استنشاق ذرات الغبار المحملة مع الهواء، تناول المياه أو الأغذية الملوثة بإفرازات الأبقار المصابة بالسل، عن طريق الجلد من خلال الجروح الملوثة بالميكروب ومن خلال الذباب والحشرات.
يأخذ المرض في الإنسان 3 أشكال وهي السل الرئوي ويتميز بالآتي: سعال شديد في البداية جاف ثم رطب ويصبح البصاق مخاطي قيحي وبغزارة ثم يصبح مدمم (معرق بالدم)، ارتفاع في درجة الحرارة في وقت متأخر من بعد الظهر، عرق ليلي مع آلام في الصدر، ضعف وهزال مع عدم المقدرة على العمل.
السل خارج الرئتين: حيث تكون الإصابة في الفم واللوزتين مع تورم وكبر في غدد العنق الليمفاوية، وإذا اخترقت عصيات التدرن الغشاء المخاطي للأمعاء فإن الإصابة المبدئية تكون في جدار الأمعاء ويصاحبها التهاب الغدد الليمفاوية للمساريقا وقد يظهر هذا النوع من السل في العظام، المفاصل، الكلى، الكبد، وغيرها.
السل الجلدي: حيث يحدث تقرح في الجلد مكان دخول ميكروب السل من خلال جرح مرئي أو غير مرئي ويصاحبه تكون عقد في الجلد ذات لون بني مصفر ويصاحب ذلك تورم الغدد الليمفاوية للمنطقة المصابة.
هذا ويجب اتخاذ عدد من وسائل الوقاية والسيطرة على المرض ومنها البحث عن مصدر العدوى وذلك بإجراء اختبار التيوبركلين بصفة دورية كل 6 أشهر وتطهير الحظائر المصابة لاستئصال المرض في الحيوانات وتأمين مصدر اللبن باستخدام البسترة أو الغليان، تطهير منازل الآدميين المصابين وكذلك مساكن الحيوانات المصابة ولقد وجد أن مركبات القينول واليود وغاز الفورمالدهايد لها تأثير فعال على ميكروب الدرن، استخدام لقاح BCG، اتخاذ إجراءات حجر بيطري ملزم لاختبار الماشية المستوردة ضد مرض السل باختبار التيوبركلين، عدم شراء لحوم مذبوحة خارج السلخانات وعدم استعمال المراعي الموبوءة قبل 6 أشهر بعد حرثها وتقلب مع الجير والتخلص من الحشرات. في مجال الصحة العامة، يجري مسح شامل للبحث عن الحالات المصابة بين الآدميين باستخدام اختبارات الحساسية المناسبة، إجراء فحص باستخدام أشعة X على كل المهاجرين من دولة إلى أخرى وإعطاؤهم شهادة صحية تثبت خلو الأفراد من مرض السل، التبليغ إلى الجهات الصحية في المنطقة عند ظهور حالات مصابة بالسل، عزل الأشخاص المصابين في المستشفيات الصدرية لإبعاد مصدر العدوىعن منزل المريض أو مكان عمله، وتعليم المريض القواعد الصحية للسيطرة على المرض كأن يتعود تغطية الفم والأنف أثناء العطس أو السعال، يجب فحص واختبار المخالطين والمشتبه في إصابتهم بالمرض، استخدام المطهرات الكيماوية لتطهير البصاق والأدوات والملابس وغيرها الخاصة بالمريض، التثقيف الصحي للعامة بمرض السل وكيفية انتشاره ووسائل الوقاية، علاج المصابين من الآدميين ونظرا لوجود عترات مقاومة للأدوية المختلفة فيجب أن يبدأ العلاج بثلاثة أنواع من المضادات الحيوية لمدة 9 أشهر.
أستاذ علم الميكروبيولوجي المشارك رئيس قسم الطب البيطري
كلية الزراعة والطب البيطري جامعة القصيم