Al Jazirah NewsPaper Saturday  09/02/2008 G Issue 12917
السبت 02 صفر 1429   العدد  12917
أضواء
وضوح الصورة
جاسر عبدالعزيز الجاسر

خفَّت الضجة الإعلامية التي صاحبت جولة الرئيس الأمريكي جورج بوش للمنطقة، وغابت دعوات التسوية للصراع العربي الإسرائيلي، إذ انشغل الأمريكيون بالانتخابات التمهيدية للحزبين الديمقراطي والجمهوري، فيما انشغلت الإدارة الأمريكية بحشد الدعم لحربها في أفغانستان بعد أن أخذ الملل يتسرب إلى صفوف الحلفاء الذين أخذوا يقلصون تواجدهم العسكري في جنوب أفغانستان المكان الأخطر للحرب.

وهكذا فإن المحللين يرون في جولة بوش للمنطقة (حملة علاقات عامة) انتهت دون أن تحقق الأهداف الأخرى وهي حشد الدعم لشن حرب مستقبلية على إيران مقابل تخدير العرب بوعود حل القضية الفلسطينية، إلا أن تحليل سياسة واشنطن في الشرق الأوسط وخطواتها الحقيقية الأخيرة تشير إلى عدم طموح الإدارة الأمريكية إلى إحراز التقدم الواقعي في عملية السلام، فضلا عن قدرتها على معالجة المشاكل الحالية بمفردها.

فمن الصعب اعتبارها شريكا عادلا في عملية السلام في المنطقة إذ إن واشنطن لا تأخذ بعين الاعتبار إلا بمصالح إسرائيل وتقدم لنهجها دعما كاملا. وهو ما أدى إلى انخفاض شعبية واشنطن لدى العرب والمسلمين نتيجة عملياتها العسكرية بحجة مناهضة (الإرهاب) في العراق وأفغانستان.

وقد تلقى الإسرائيليون بارتياح إعلان الرئيس الأمريكي تبنيه لنظرية (الدولتان.. الشعبين) بالحفاظ على طابع يهودي لإسرائيل، الأمر الذي يشير بوضوح إلى موقف الولايات المتحدة الرافض لرجوع اللاجئين إلى الأراضي المحتلة وموافقتها على خطط تل أبيب لطرد 1.5مليون مواطن عربي من إسرائيل إلى دولة فلسطينية مستقبلية.

ولهذا يعتقد الخبراء أن اقتراح بوش بإنشاء آلية دولية لدفع تعويضات للفلسطينيين مقابل ملكياتهم المفقودة ومقابل رفض للرجوع يهدف إلى نقل المسئولية المالية من إسرائيل إلى عاتق المجتمع الدولي.

كما أن عدم رد الفعل السلبي من الجانب الأمريكي على تصريح أولمرت وقوله إنه ليست هناك مساومة بين وضع القدس الشرقي والمستوطنات الإسرائيلية الكبيرة (معالي عدومي، ارييل، غش اسيون) ذات أهمية مبدئية لتل أبيب وبين وضع باقي المستوطنات في الضفة الغربية، يشير إلى أن أمريكا أطلقت (الضوء الأخضر) لنشاطات إسرائيل في هذا المجال، وبدأت إعادة النظر في الشرعية الدولية الخاصة بعملية السلام لصالح إسرائيل.

ويعزز هذا موقف بوش الرافض أية ضغوط على جوانب الأزمة بهدف إعطائها فرصة للتوافق على سبل الحل على أساس متبادل سمح لتل أبيب وحدها بتعديل وسائل عملية السلام واتجاهها لصالحها ودون التدخل من الخارج.

حيث يستفيد الإسرائيليون من عامل الوقت إذ تسمح تأجيلات في عملية السلام لإسرائيل بخلق واقع جديد في الأراضي المحتلة قد يوثر تأثيراً جديا على صيغة الاتفاق النهائي.

والجدير بالذكر في هذا الخصوص تصريح بوش شدد فيه على ضرورة تعديل (الخط الأخضر) لعام 1949 وفقا للواقع الجديد (يعني إضافة المستوطنات الإسرائيلية الكبيرة في ضواحي القدس إلى أراضي إسرائيل).

كما أن واشنطن بإبعاد سوريا وإيران وحماس عن المفاوضات على أساس أنها متورطة بالإرهاب يدل على أن واشنطن لا تدرك جميع الحقائق والأمور في المنطقة، أو تسعى إلى تصعيد الأزمة في الشرق الأوسط.

ومن الممكن أن تدين واشنطن رسميا الأطراف المذكورة بإعلان إفشال الجهود السلمية الأمريكية لتجد باعثا لتطبيق الخطط العسكرية الأمريكية والاسرائيلية في المنطقة.

وقد تشير اتفاقيات بيع الأسلحة الأمريكية عالية الدقة لإسرائيل (بما فيها من قنابل جوية كبيرة الوزن لاستخدامها المحتمل ضد قادة حماس وترسانات الأسلحة ما تحت سطح الأرض في غزة وشن عملية عسكرية واسعة النطاق ضد المتشددين الإسلاميين) إلى احتمال هذا الأمر.

ولهذا فان الخطوات الأمريكية الأحادية الجانب لا تستطيع تسريع المباحثات العربية الإسرائيلية بسبب عدم (كيفية) حل المشاكل الأساسية بين العرب واليهود. ويرى الخبراء أن من المستحيل الوصول إلى الاتفاق النهائي قبل انتهاء ولاية بوش، وأنه حتى إذا تم وضع هذا الاتفاق فلن يتم توقيعه. وهو ما أكدته الأحداث الأخيرة في غزة التي ستقضي على جميع اتفاقيات أنابوليس.



jaser@al-jazirah.com.sa
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 11 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد