اسمحوا لي أن أقدم تحيَّة إجلال وإكبار للفنان عبد الرحمن الخطيب على مقالته الإنسانية التي نشرت في عزيزتي الجزيرة يوم أمس الأول الخميس. المقالة التي تكشف رسالة الفنان كفنان عندما ينتفض ويدافع بشكل مكشوف عن القيم الإنسانية المشتركة بين البشر. الشعر كما يفهمه الفنانون وأصحاب التوجهات الإنسانية هو ذلك التعبير المتحالف على الدوام مع الخير والنماء والتقدم الإنساني. الشعر لا يكون وقوداً لمعركة فناء ولا يكون معادياً للمستقبل ولا يكون تلميعاً لموتي حذفهم التاريخ. لا يمكن للشعر أن ينتهي ملوثاً بمرارة الأيدلوجيا وتراكمات التاريخ الكارهة. بدأ الشعر منذ فجر الكلام بالحب ويجب أن يبقى في الحب ويجب أن ينتهي به.
ما كتبه الأستاذ الخطيب وثيقة تختصر رؤيا المستقبل لأبنائنا. يجب أن نقول لهم مَنْ هو الذي فجَّرنا، ومَنْ هو الذي أوقف عجلة التنمية على مدى سبعة وعشرين سنة، ومَنْ هو الذي أثار العالم علينا، ومَنْ هو الذي عزلنا عن العالم، ومَنْ هو الذي هرب من أرض الرباط آخذاً أبناءنا معه ليقاتل إلى جانب الأمريكان ويأتي اليوم ليشتم الأمريكان. مَنْ خرَّب الصومال ومَنْ خرَّب أفغانستان ومَنْ خرَّب العراق. ومَنْ فجَّر العليا ومَنْ فجَّر المحيا ومَنْ فجَّر سمعتنا في العالم. مَنْ الذي غيَّر وجهة شبابنا من بيركلي وهارفرد إلى جبال تورا بورا وغوانتانامو؟.
لم يعد أبناؤنا في حاجة بعد اليوم إلى مزيد من المرارة والكراهية والتشرد. شبعوا على مدى السنوات الأخيرة. شبعوا من سماع عباس بن فرناس وابن الرازي وابن خلدون. يجب أن يعرفوا أن هؤلاء ماتوا منذ مئات السنين وانقطعت العلوم التي جاءوا بها، ويجب أن يعرفوا أيضاً مَنْ هو الذي واصل الإبداع والعلم ولماذا ازدهرت أوروبا بالحرية والعلم والجمال والصحة ولماذا غابت هذه القيم عن الصومال وعن أفغانستان والشيشان. يجب أن يعرف أبناؤنا الحقيقة الساطعة. يجب أن يتوقف الضجيج القاتل.
ما كتبه الخطيب يجب أن يُقرأ ويجب أن تعاد كتابته ويجب أن نقدم للفنان كلَّ التقدير والاحترام على هذا الضوء الساطع الذي ألقى به فجأة. كشف الخطيب عن دلالة الشعر ومعانيه. إنها لفتة كريمة من إنسان أفنى معظم حياته في خدمة القيم التي ينطوي عليها الفن. سجَّل الخطيب بشكل واضح وصريح ومختصر مأساة هذه الأمة والكوارث التي جرَّنا لها هؤلاء. أسئلة بسيطة ولكنها مؤلمة وحزينة. يقول الخطيب (ألم يعلم ابنك لماذا نهضت الصناعة في ماليزيا؟ لماذا لم يهجم عليها الأعداء؟ أليست دبي علامة من علامات النهضة العمرانية والاقتصادية؟ لماذا لم يمنعوها؟ هذه الأسئلة البسيطة التي يطرحها الفنان عبد الرحمن هي رايات يجب أن يهتدي بها الآباء، لقد انتهى عصر السعي إلى الموت ويجب أن يبدأ فوراً عصر النماء والبناء. شكراً للفنان المميز شكراً لعبد الرحمن الخطيب.
فاكس 4702164
yara.bakeet@gmail.com