يندهش بعض الأزواج من غضب زوجاتهم الصامت، عندما يبدي أحدهم إعجابه بالممثلة فلانة أمام زوجته دون أدنى تقدير لمشاعر هذه الزوجة، أو احترام لأنوثتها.
وفي المقابل، يغضب هذا الزوج أشد الغضب لو تجرأت زوجته، وقالت - ولو على سبيل الدعابة -: إن المطرب فلان وسيم، أو عذب الصوت، ويترجم هذا الزوج غضبه بالزعل الذي قد يطول أمده!
وهذا التباين في موقف بعض الأزواج، يقف خلفه سوء فهم لمشاعر المرأة، وسوء أداء لحقوقها على زوجها، أو عدم مبالاة بها ككل، ونحن هنا نرصد ملمحاً واحداً من ملامح هذه اللامبالاة، وإهمال حقوق المرأة، وتجاهل مشاعرها، يقصد بها هنا (رثاثة) بعض الأزواج، والمفارقة العجيبة التي تعد امتداداً للتباين السابق، والازدواجية التي تصل إلى حد الفصام في الشخصية، أن نجد هذا الزوج يطالب زوجته بالتجمل له طوال الوقت، وينتقدها إن شغلتها شؤون الأسرة، واحتياجات الأولاد، عن الاهتمام بمظهرها وجمالها، وربما أجبرها بتهكمه اللاذع بشأن وزنها الزائد أن تحرم نفسها من الطعام لتبدو رشيقة في عينيه وقد تضطر إذا لزم الأمر إلى قضاء ساعات على الأجهزة الرياضية، لتنال رضا زوجها، ونحن نقول من حقه أن تتجمل له زوجته، لكن في المقابل نجد هذا الزوج غير مهتم بهندامه، وطِيب رائحته، وترجيل شعره، ولا يمانع - وهو في مثل هذه الحالة المزرية - أن يطلب حقه الشرعي من زوجته، حتى وإن كان قد أكل بصلاً لتوه، ولم يغسل أسنانه بعد، ويزداد الأمر سوءاً إذا كان مدخناً أو شارب خمر!!
وللأسف يريد من الزوجة المسكينة أن تلبي، حتى وإن كان في هيئته ورائحته ما يؤذيها، وإن حدث وصدرت منها ملاحظة أو تعليق بسيط بشأن مظهر زوجها أو رائحته، أو رائحة الدخان أو البصل الذي يملأ أنفاسه، فالويل بانتظارها، وربما لجأ الزوج بدافع الحرج إلى قلب الطاولة عليها، فينعتها بما ليس فيها من صفات أو عيوب، وقد يلسعها بسخرية مرة، وهو يقول: (لا تحسبين نفسك هيفاء أو نانسي)، قبل أن يحيل حياتها إلى نكد مستمر!
ونحن لا نعمم هذا الأمر، فهناك عدد من الأزواج في غاية التجمل لزوجاتهم، والاهتمام بمظاهرهم في المنزل، وأزواج آخرون دونهم، لكن يستجيبون لملاحظات زوجاتهم في مثل هذه الأمور، لكن فئة غير قليلة لا تهتم، وهؤلاء جهلوا أولاً تعاليم الإسلام بشأن النظافة وحسن المظهر، التي أبسطها الأمر بالسواك، وحتى الاغتسال والتطيب بالمسك، كما جهل هؤلاء أيضاً حق المرأة الطبيعي أن ترى زوجها في أجمل صورة، وأن تتباهى به، وتسعد بحسن طلعته، وطيب عطره الفواح، كما جهل أمثال هؤلاء أنه لا ضرر ولا ضرار، فإذا كان إهمال المظهر يؤذي مشاعر الزوجة أو بصرها، أو يضر بها، أياً كان الضرر، فالأولى إزالته، ولا سيما أن الزوج مستفيد من ذلك نفسياً وصحياً ودينياً وتوافقاً مع زوجته.
وقد روي عن عبدالله بن عباس - رضي الله عنهما - أنه كان يتجمل لزوجته ولا يخجل من إعلان ذلك، بقوله: (أتجمل لها كما تتجمل لي)، فهل يتخلص هؤلاء الأزواج من رثاثتهم.
كما أننا لا نبرئ ساحة الزوجات، فبعضهن للأسف لا تعرف معنى الزينة والتجمل، وتهتم بزوجها، وأخريات يتزين للنساء والمناسبات، فإذا رجعت للبيت لبست أرث ملابسها!!
والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)، فرفقاً بالقوارير معاشر الأزواج، وليرين منكم ما يسر الخاطر، ويبهج النفس، ويعزز المودة والمحبة بينكم.