انقرة - ا ف ب
أقر البرلمان التركي ليل الأربعاء الخميس الماضي تعديلاً دستورياً يجيز ارتداء الحجاب في الجامعات، وهو موضوع يثير الجدل والانقسام في تركيا البلد الإسلامي الذي يعتمد النظام العلماني. فقد جرت سلسلة عمليات تصويت على تعديلات مقترحة حصلت بشكل واسع على غالبية ثلثي الأصوات المطلوبة لتعديل الدستور.
وأعلن نائب رئيس البرلمان نفزات باكديل أن 404 نواب صوتوا (نعم) و92 (لا) خلال عملية تصويت بالبطاقات السرية، ما يتجاوز ثلثي الأصوات الضرورية (367 من أصل 550) لتعديل الدستور. والبند الأساسي في مشروع القانون ينص خصوصاً على أنه (لا يجوز أن يحرم أحد من حقه في التعليم العالي) في تلميح إلى الشابات المحجبات.
ومن المقرر إجراء جلسة تصويت ثانية غداً السبت لوضع اللمسات الأخيرة وإقرار مجمل التعديل المقترح من حزب العدالة والتنمية الحاكم المنبثق عن التيار الإسلامي وحزب الشعب الجمهوري المعارض القومي. وهذا المشروع أثار موجة عارمة من الاستنكار في أوساط العلمانيين والمعارضة الاشتراكية الديمقراطية التي تعتبر أنه ينال من المبادئ العلمانية لتركيا ومن شأنه أن يؤدي إلى تشريع ارتداء الحجاب في أماكن عامة أخرى مثل الإدارات العامة والمدارس وغيرها، الأمر الذي لم يكن جائزاً حتى الآن.
وتؤكد حكومة حزب العدالة والتنمية من جهتها الدفاع عن الحرية الفردية للطالبات المسلمات وتعتبر أن هذا التعديل يندرج في إطار عملية انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي. ويفترض أن يضع التعديل الدستوري حداً للاجتهاد الذي يفرض على الطالبات نزع الحجاب.
ويرى المعسكر المتمسك بالعلمانية لا سيما الجيش والقضاء والإدارة الجامعية، في ارتداء الحجاب رمزاً للإسلام السياسي في هذا البلد الذي يعتمد النظام العلماني لكن 99 في المئة من سكانه من المسلمين. وحرص رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان على تبديد المخاوف بتأكيده أن المشروع لا يهدف سوى إلى السماح (للفتيات بعدم الانتظار أمام أبواب الجامعات).
وشدد المسؤولون في حزبه أثناء المحادثات على أن المشروع لا يخرج عن الطابع العلماني للنظام لأنه يخفف من التمييز الذي تتعرض له بحسب قولهم الطالبات اللواتي يرتدين الحجاب.
يشار إلى أن زوجات وفتيات معظم قادة حزب العدالة والتنمية محجبات. ويفترض أن يحظى التعديل أيضاً بموافقة رئيس الدولة غول المعروف بأنه كان من أبرز قادة حزب العدالة والتنمية وبذل مساعي كبيرة من أجل إلغاء حظر الحجاب، الذي لا تظهر زوجته مطلقاً حاسرة الرأس.
وأعلن حزب الشعب الجمهوري المعارض الذي يعتبر أن (المشروع يتحدى الجمهورية العلمانية)، أنه سيلجأ إلى المحكمة الدستورية لوقفه، بعد أن يصادق غول عليه. وقال نائب رئيس الكتلة البرلمانية لحزب الشعب الجمهوري كمال أناضول أمام النواب (أن الهدف هو النيل من العلمانية).
ويعتبر مناصرو العلمانية أن السماح بارتداء الحجاب في الجامعات قد يؤدي إلى اشتداد ضغوط الدينيين على النساء كما يخشون أيضاً من أن يدفع (ضغط الشارع) الطالبات غير المحجبات إلى تغطية رؤوسهن. واتهمت النائبة نور سرتر التي تنتمي إلى حزب الشعب الجمهوري حزب العدالة والتنمية (باستغلال) المشاعر الدينية لمطامح سياسية انتخابية لا سيما أثناء الانتخابات البلدية المرتقبة في العام 2009 بهدف جعل تركيا (دولة إسلامية). وزعمت (أن الحجاب يقسم البلاد (...) ويجعل النساء مواطنات من الدرجة الثانية).
وقد جرت السبت الماضي تظاهرة كبيرة في أنقرة ضد التعديل الدستوري. كذلك علت أصوات الاحتجاج على المشروع في أوساط عمداء الجامعات.