يقول العلماء إن أعظم اختراع هو (الصفر)، وهذا الصفر الصغير الحقير يستطيع أن يحوّل الاتجاهات والمسارات إلى الأعلى أو إلى الأسفل بمجرد وضعه بجوار الرقم، فيتضخم أو يضمر.
...ومما يرويه أصحاب النوادر أن
أحد الولاة أعطى أحد المداحين ورقة قد رسم فيها المبلغ الذي سوف يناله ذلكم المداح، فجاء ذباب ووقع على الرقم وترك أثراً مثل الصفر، فلما جاءت لصاحب بيت المال ورأى الورقة استغرب كيف يعطي هذا المبلغ لذلك الأعرابي؟! فرجع للوالي وقال همساً في أذنه: إن المبلغ الذي أمرت به يا مولاي لهذا الأعرابي كثير، فلما رآه الوالي ضحك وقال: أعطيناه شيئاً وزاد له الذباب لا تحرموه.
وفي الصيف يربض الصفر أمام درجة الحرارة فيحوّلها إلى 40 أو 50 درجة في مدينة حارة كالرياض، لكنه في الشتاء يتخلى عنّا حتى أنه يهرب بلا رجعة، وقد يعود على استحياء فيحول الحرارة إلى 10 أو 20 درجة، ولا يطيل البقاء لأن الشتاء يطرده من الرقم حتى يكون له.
وهذه الأيام ابتعد الصفر عن رقمنا المعروف 10 أو 20 ابتعاداً كثيراً، بل إنه ساعد درجة الحرارة على الانخفاض في الشمال حتى صار هو فوق الرقم بدلا من أن يكون بجواره، ودغدغنا الصفر في مدينة الرياض حتى حثّ وبجدية على أن تتحول درجة الحرارة إلى 4 درجات فقط دون أن يكون له وجود، بل وصلت في وادي الدواسر إلى تحت ذلك الصفر العزيز، وفقدان الصفر العزيز يعني التجمد في الشتاء، الذي لا يحارب شدة برودته إلا الأكل الدسم المتنوع، ولكن هيهات أن يكون دسماً أو متنوعاً وغلاء الأسعار قد أصاب التجار بالسعار!!!
ليت الصفر العزيز يعود إلى درجة الحرارة هذه الأيام فيساعد الرقم 1 أو 2 ليكون بجوارهما حتى تخف البرودة، وتتسع رحلات الناس في إجازة الربيع، وفي حالتنا هذه لا ينفع لنا مثلما نفع المداح أعلاه عندما وقع الذباب على الرقم المعطى له.
أرأيتم كيف تكون قوة وقيمة وجبروت هذا الصفر الذي تتساهلون به؟
فاكس 2372911abo_hamra@hotmail.com