Al Jazirah NewsPaper Thursday  07/02/2008 G Issue 12915
الخميس 01 صفر 1429   العدد  12915

مدار الشمال
الدحَّة.. لعبة حرب ووثيقة تحالف

 

حين أبدع المتألق (مطلق النومسي) ذات شعر في رائعته الشهيرة:

يا محلا طاروق الدحَّة

لا وافق له صوت وبحَّة

صفين وحاشي ومصنع

وبيوت الشاعر محلية

لعبة حرب ولعبة هيبه

ما فيها حاجة معيبه

لا والله نفخر لا قلنا

دحيّه يا أهل الدحيّة

كان يبحث من مواطن الجمال والعذوبة في هذا اللون الشمالي من ألوان التراث الذي تزخر به مناطق شمال الجزيرة العربية وهو لون له حضوره لدى أغلب القبائل في هذه المناطق ويتشابه لديهم إلى حد كبير في الأداء والمسمى مع فروقات بسيطة تظهر للمتمعن في الطرق التي يؤدى بها تبعا لخصوصيات كل مجتمع.

ولذلك يرى بعض الباحثين في الأدب الشعبي أن الألوان الشعبية التي تمارس في المناطق والبيئات المختلفة تختلف تبعا لطبيعة هذه المناطق ومعطياتها الحياتية، فالمناطق الجبلية الوعرة تتسم ألوانها ورقصاتها بالسرعة والقوة والحماس بينما يسود اللون الهادئ والنفس الطويل رقصات سكان المناطق الصحراوية الممتدة.

وهذا جانب واحد من جوانب مضيئة عديدة يمكن استشفافها من الألوان الفلكلورية التي تمارس في كل مجتمع.

والدحة كأحد الألوان الفلكلورية الشمالية اسم مأخوذ من (الدَّح) وهو الضرب بقوة أو الصفق بالكفين بعضهما ببعض مع التغني بأبيات الشعر ذات الإيقاع القصير تبعاً للبحر الذي تُبنى عليه الدحة وهو أشبه ببحر الرجز في بحور الشعر العربي.

* ولعل عماد التشابه بين طرق أداء الدحة يكمن في البيت المشهور الذي لا تمارس الدحة إلا به غالباً أو على الأقل يكون بداية للدحة وهو:

هلا هلا به يا هلا

ليا حليفي يا ولد

وهذا البيت يمتاز بعذوبة الكلمات وبساطتها وتدفق العاطفة وصدقها في مبادئ سامية تتمثل في الترحيب المكرر والتأكيد على الحلف الذي يليق فقط بالرجل الذي يكون أهلاً لذلك ويعبر عن ذلك بلفظة (يا ولد) التي تعني العنوة والرجولة في اللهجات المحلية.

الدحة إذن رقصة للسلام والتحالف كما هي رقصة للحرب والفخر تبدأ بهذه الدعوة الترحيبة ثم تنتقل بين الأغراض المختلفة للشعر من فخر وغزل وحماسة وخلافه.

ولعلنا نورد في مقال آخر الطرق التي تؤدى بها الدحة ونماذج من الشعر الذي يميز كل طريقة عن الأخرى.

ولن أقول ما قاله عاشقو هذا اللون من البادية قديماً:

(اللي ما يحب الدَّحة جعل قليبه للقحة)

ماجد بن ناشي العنزي

فاكس: 44227111

majednash@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد