Al Jazirah NewsPaper Thursday  07/02/2008 G Issue 12915
الخميس 01 صفر 1429   العدد  12915
التوقعات المستقبلية لقطاع الطيران في دول الخليج
د. أحمد بن صالح العثيم - كاتب اقتصادي

شهدت أسواق النقل الجوي وحركة انتقال الأفراد والبضائع من وإلى منطقة الخليج العربي وعبرها نمواً متزايداً في الربع الأخير من القرن الماضي نتيجة الطفرة الاقتصادية التي شهدتها دول المنطقة؛ مما أهلها لأن تحتل مركزاً للجذب والتجارة التحويلية والترانزيت والمهرجانات التسويقية؛ لتكون بمثابة نقطة الاتصال بين مراكز الصناعات الناشئة في دول شرق آسيا وتكتلاتها الاقتصادية ومنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا وشرق أوروبا، واحتلال موانئها ومطاراتها مراكز متقدمة على خريطة النقل الجوي مثل دبي وأبو ظبي والبحرين ومسقط والدوحة.

ولعل أبرز دليل على مدى الأهمية الإقليمية والدولية لمنطقة الخليج العربي الصفقات الكبرى التي شهدها معرض دبي للطيران في دورته التي عقدت في الفترة خلال نوفمبر 2007 مما أعطى مؤشرات قوية على نمو صناعة الطيران التي تلعب دوراً محورياً في التطور والنمو الاقتصادي في المنطقة وعلى مختلف الأصعدة؛ إذ إن توفير وسائل النقل ومدى كفاءتها تعد أحد أهم العوامل التي تؤثر في جاذبية الدول للاستثمارات الأجنبية.

وفي هذا السياق بلغ حجم الاستثمارات الخاصة بتطوير مطارات الشرق الأوسط نحو 60 مليار دولار، منها 38 مليار دولار في دول الخليج، تبلغ حصة الإمارات وحدها 20 مليار دولار، وتبلغ حصة المملكة العربية السعودية 20 مليار ريال سعودي أو ما يساوي 5.7 مليارات دولار تقريباً.

هذا ولا ينبغي تجاوز عامل ارتفاع أسعار النفط إلى النشاط غير المسبوق في سوق العقارات والنمو الاقتصادي المتزايد؛ مما دفع دول الخليج إلى إطلاق مشاريع ضخمة في كل المجالات، ومنها قطاع الطيران وبناء مطارات جديدة وتطوير وتوسعة المطارات القائمة، ويأتي في مقدمة هذه الطفرة ما قامت به إمارة دبي؛ إذ أعلنت عن استثمارات بنحو 15 مليار دولار لتطوير مطارها القائم وتطوير مطار آل مكتوم بتكلفة 10 مليارات دولار؛ ليصبح قادراً على استقبال 150 مليون مسافر سنوياً. كما قررت أبو ظبي استثمار 7 مليارات دولار في توسعة مطارها لتصل قدرته التشغيلية إلى 40 مليون مسافر سنوياً، أما قطر فأعلنت عن تخصيص 5.5 مليارات دولار لبناء مطار جديد من المتوقع أن تصل قدرته إلى 60 مليون مسافر سنوياً مع حلول عام 2020 بينما تسعى الخطوط الجوية القطرية إلى مضاعفة عدد طائراتها ليصل إلى 110 طائرات في 2015م.

كما أعلنت السعودية مؤخراً أنها ستستثمر نحو 5.4 مليارات دولار في قطاع المطارات، منها مشروع توسعة مطار الملك عبدالعزيز الدولي في جدة بتكلفة 4.8 مليارات دولار حتى تصل سعته إلى 800 مليون مسافر سنوياً، إضافة إلى خطة المملكة من أجل تشييد 5 مطارات جديدة لتنضم إلى الموانئ الجوية في المملكة البالغ عددها 27 مطاراً، منها 3 مطارات دولية. أما البحرين والكويت وسلطنة عمان فقد أعلنت بدورها عن استثمارات في المطارات قيمتها مجتمعة 5.4 مليارات دولار.

التنافس بين إيرباص وبوينج

وبإلقاء نظرة سريعة على معرض دبي للطيران 2007 فلقد لوحظ أنه تخطى الأرقام القياسية على مستوى الصفقات؛ إذ وصل حجم حصيلة الصفقات إلى 357 مليار درهم (نحو 100 مليار دولار)، تركزت أغلبها في قطاع الطائرات التجارية، التي سيطرت عليها شركات الطيران الخليجية، من خلال عقود أو خطابات نوايا (ضمانات) لشراء 570 طائرة تجارية من مختلف الأنواع.

ولقد تقدمت شركة (إيرباص) على بوينج في ظل المنافسة بينهما على طلبيات الشراء، إلا أن كلاً منهما تمكنت من تحقيق انتصارات مهمة في دبي، وكان أكبر هذه الصفقات من حيث العدد لشركة دبي لصناعات الطيران التي وقعت خطاب نوايا لشراء 200 طائرة بقيمة 29 مليار دولار موزعة على (بيونج) و(إيرباص) بنحو 100 طائرة لكل منهما، بينما حققت شركة طيران الإمارات رقماً قياساً بعد أن طلبت 143 طائرة بحجم 35 مليار دولار، منها طلبيات مؤكدة بحجم 23.5 مليار دولار. كما أعلنت الخطوط الجوية القطرية شراء 30 طائرة بقيمة 13.5 مليار دولار. كما وقعت (العربية للطيران) اتفاقية مع (إيرباص) لشراء 49 طائرة بقيمة 3.5 مليارات دولار. ووقعت الخطوط الجوية السعودية اتفاقية مع (إيرباص) لشراء 22 طائرة مع خيار لشراء 8 طائرات أخرى. واشترت (ناس) السعودية للطيران أيضاً 20 طائرة، واشترت مجموعة الجابر طائرات بقيمة 1.5 مليار درهم.

وإضافة إلى عمليات التوسعة وبناء المزيد من المطارات وعمليات توسعة أساطيل الطائرات بنوعيها (نقل الركاب وشحن البضائع) فقد أظهرت الإحصاءات الصادرة عن منظمة شركات الطيران العالمية أن هناك زيادة في نسبة الشحن تصل إلى 16% في مطارات الشرق الأوسط مقارنة بين عامي 2005 و2006م. وتحتل دولة الإمارات القمة في هذه الصناعة بين دول المنطقة؛ حيث تناول مطارات الدول مجتمعة نسبة 38% من حركة الطائرات على مستوى المنطقة. وأعلنت شركة إيرباص لصناعة الطائرات أن مبيعاتها في المنطقة ستصل مع نهاية عام 2007 إلى 400 طائرة بما فيها الصفقات التي وقعتها خلال معرض دبي للطيران الأخير.

ويشهد الشرق الأوسط نمواً سنوياً في الحركة الجوية تبلغ نسبته 8% ويأتي في المرتبة الرابعة بعد الصين والهند وأوروبا الشرقية.

طائرات رجال الأعمال

فيما يتعلق بتزايد نشاط الطيران الخاص فقد ذكر تقرير اقتصادي أن النشاط الاقتصادي وتزايد الثروات خلقا سوقاً كبيرة لهذا المجال ولخدمات رجال الأعمال والأثرياء، سواء من أبناء المنطقة أم الأجانب القادمين للسياحة والاستجمام أو عقد الصفقات. ويتوقع الخبراء أن ينمو سوق الطيران الخاص وطيران رجال الأعمال في المنطقة بأكثر من 60% سنوياً خلال السنوات الثلاث المقبلة، متوقعين أن يصل حجمه ما بين 500 و800 مليون دولار. وتأتي المملكة العربية السعودية في المرتبة الأولى حيث تمثل حصتها 55% باعتبارها أحد أهم أعضاء الاتحاد ومن المؤسسين له، وتمثل حصة الإمارات منها 30% وسوف يصل عدد الأعضاء في اتحاد الطيران الخاص إلى 300 عضو بحلول عام 2012 من دول الشرق الأوسط، وتمثل دول الخليج العصب الرئيسي للاتحاد، ويستحوذ على أكثر من 75% من حجم السوق.

ومن ثم فإن منطقة الخليج العربي سوف تشهد نهضة في صناعة الطيران وتنقل الأفراد والبضائع من المنطقة وإليها وعبرها؛ مما يسهم في إحداث طلب كبير ومستدام في قطاعات السياحة والتسوق والترفيه، وغيرها من الخدمات. وجهود دول المنطقة في تطوير المطارات وبناء أساطيل طائرات يصب في تنشيط قطاع العقارات، سواء الفنادق والوحدات السكنية والمطاعم وأماكن الترفيه أو غيرها، وهذا ما يؤكد أن الطيران يلعب دوراً محورياً في التطور الاقتصادي ونموه في المنطقة باعتباره من أهم وسائل الانتقال والنهضة الاقتصادية.



Asa5533@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد