Al Jazirah NewsPaper Thursday  07/02/2008 G Issue 12915
الخميس 01 صفر 1429   العدد  12915
قصة قصيرة
كوب قهوة
عبدالواحد اليحيائي

-1-

حين تمكن دفؤك من روحي ابتسمت، أضاء قلبي، طلبت كوب قهوة.

قلت لصديقي: أشعر بالخفة.

قال: هي في وجهك.

تحدثنا قليلاً. كنت أتحدث وكان وجه صديقي يتحرر.

أين الكوب؟

حين أحضره النادل بدا سعيداً، تلبسه الرضا، عجبت له، وتساءلت. لكن لم يطل عجبي حين لمحتكِ في الكوب، واستعجلتُ انسيابك فيّ. ضحك صديقي وضحكت.

قال: قهوتك تشتاق.

قلت: فيها انصب العمر.

غرست قلمي في صدري وكتبت بالقهوة كلمة حب، تمرد صدري واستمطر رغبة. قرأتُ لصديقي بعضاً من حب، لم يفقه شيئاً مما بُحت. لا يفقهُ إلا الكلمات.

قال: لعل معناك هنا، وأشار إلى وجه الكوب.

قلت: نعم، ليس المعنى في كلمات.

قال: أي جلال في مقهى، أي جلال في كوب؟! هو في الأفكار، ألسنا نحن الأشياء، نسبغ الأشياء على الأشياء فيكون الحب، ويكون القلب، وتكون الروح؟

-2-

تأمل وجه الكوب وتبسم، قال: في كوبي قهوة، بل في كوبي حب. وضحكت، كيف للقهوة أن يسكنها حب؟ قلت: قهوتك تشتاق. تغير وجهه والتاع، قال لم يتكلم، ولم أفهم، وتساءلت وأشرت إلى كوب القهوة هل من شوق في كوب؟ قال: شوقي أكبر. فهمت، كان صديقي يضع الأحلام على الأحلام ليرى وجه حبيب في كوب. قلتُ له رأياً عن الأشياء حين تتخلق في كوب.

باغتّهُ أنه في حلم، لكن غافلني وجه الكوب، فرآه..

وعاد يقول: بل فيها انصب العمر، فيها وجه حبيب، نحن الأحلام والأوهام ولحظة حب.

-3-

قهوة في كوب..

اقتحمتني لا أدري من أين: من قلبه، من عقله، من روحه؟! حقاً لا أدري من أين.

رانت على وجهي فتأمل وتبسم. قال لصديقه: انظر وجه الكوب، وانسابت هي في ذاته، منه وله وأنا أنساب. بقينا فيه وبقينا في الكوب. سقيناهُ حنيناً.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد