Al Jazirah NewsPaper Thursday  07/02/2008 G Issue 12915
الخميس 01 صفر 1429   العدد  12915
شعر
هباء..!!
زهير غانم

كنت أقترب حين ابتعدتِ

وحينَ اقتربتِ

رأيتُ الظلالَ البعيدةَ تدنو

وتهربُ مني..

فأهربُ منها إلى حيثما لا أكونْ

وهلْ كنتُ يوماً أحبكِ

أمْ أنني غارق في احتمالِ المنونْ..؟

سوى أن موتي أتى باكراً

وتأخرتُ ..

وحينَ أتيتِ

رأيتُ بأني أقومُ

إلى أول السطرِ

لأنّ الذي بيننا.

صارَ وهماً.

تبدَّد حتى انتهى

في حكاياتنا الجارحهْ..

هل قلتُ عنكِ بأنكِ أمي..

وأني رضيعكِ حتى الفطامْ..

فأين الحليبُ وأين الغريبُ؟

وأينَ المسا والصباحُ؟

وأينَ الأغاني وأينَ الرياحُ؟

وأينَ المنازلُ والقلبُ والحب والذكرياتُ؟

وأين الحياةُ.. وأين المماتُ.؟

أينَ حُلمي الذي لم يجيء مرةً

ثم غادرني كي أراه؟

وكان معي. غيرَ أني عميتُ

وما كنتُ أبصرُ شيئاً

وحتى انتهيتُ تلاشيتُ

ثم صحيتُ..

أقولُ الذي لا يقالُ..

لكي تدركي ما يقالْ

هوَ الحبّ ضربُ المحالْ

وما فيه يذهبُ في المستحيلْ..

فأينَ الدليلُ؟

وأينَ تبعثرَ قلبي؟

وقدْ غابَ عني

وخلّفني في القليلِ القليلْ..

سواكِ كأنكِ..

أنتِ سواكِ..

وتهتُ على نصف امرأةٍ

غيمةً وفضاءْ..

وبحتُ لها بالذي كان شوقاً

فما عبّرتني..

أرتني نجومَ الظهيرةِ

ثم وخلّتْ جنازةَ روحي..

بلا قيمةٍ أو عزاءْ..

عذابي يعززُ في الطفولةَ

لكنني وانهزمتُ إلى أبدِ الآبدينْ..

وتهربُ مني السنينُ التي أرتجيها

ويهربُ مني الحنينْ..

أحنُّ إليها كما توأمُ

كنتُ أفقدهُ في ليالي الشتاء..

أغصُّ وأبكي..

إلى أينَ آوي..

إذا كنتُ أرزحُ فيها

ويرزحُ في العراءْ

سأمسكُ قلبي

لأوقفَ فيه النحيبْ

وأوقفَ هذا الدويَّ العجيبْ

ترى كيفَ يهذي

بأنكِ أنتِ المسافةُ والحلمُ والذكرياتُ

وأنتِ صنيعةُ هذي الحياةِ

التي غادرتني

وكانتْ كما جثتي

سوفَ تشبهني في صفاتِ الجسدْ

هلْ تمرينَ كالروحِ فيها

لأعرفَ أنك أنت المددْ..؟

وأقومُ لألبسَ ثوبَ المياهِ..

أقومُ لأتبعَ موتي..

إلى أخرياتِ الجنونْ..

سأسكنُ فيكِ

أنا دون بيتكِ

لستُ ببيتْ..

وأنتِ بلادي

وما من حجار هنا..

وما من بلدْ..!

هكذا أسلمتني الظنونُ إلى صوتها

وهي تبكي..

كأنْ هاتفتني لتبكي..

وتقتلُ كلَّ المواعيدِ ما بيننا

وتقتلُ هذا الصباحَ وهذا المساءْ

أي وقتٍ لنا

كي نعودَ إلى جنةٍ من سنا

من صباباتنا..

ونفيءَ إلى شوقنا..

كلما راودتني انكسرتُ لها

مرحباً يا خطيئة عمري..

وصحوي ونومي وقهري..

أحبكِ ما طار طائرْ..

وما سبّحتْ لغة ربّها

ثم واشتعلتْ في السرائرْ..

كأن المدينةَ كانتْ تقول:

بأنكِ. أطولَ مني وأعرضَ مني

وكانتْ تقولُ

بأنكِ أسمنَ مني..

لماذا هوائي يعضُّ

على جرحهِ في الهواءْ..؟

لماذا عبيرُك يأتي ويذهبُ

قبل البكاءِ وبعدَ البكاءْ..؟

هو العمرُ ليس لنا

هو العمرُ يسبقنا

نحن نجري ولكننا للوراءْ..

أينا كان يكتبُ..؟

أينا كان يرسمُ..

إنها الدنيا هباءٌ في هباءْ..!

بيروت



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد