حوار -زهير بن جمعة الغزال
هناك فنان لا يدفع بالمتلقى إلا إلى عالم لا يهمه ولا يخصه، بينما محمد الصندل ريشة تمشي على قلب من الإحساس يسيرها فنان كما في رأي الدكتور صلاح عسكر يدفع بالمتلقي إلى التعاطف مع عالمه الخاص المرتبط بالحكاية أو الحواديت، وبالماضي وبأحلام الطفولة، ويوظف اللون والعناصر والمساحات توظيفاً جمالياً، ويحملها جميعاً شحنات تعبيرية نقية وفطرية وصادقة.
* كيف كانت بدايتك الفنية؟
- بداية حياتي في الفن التشكيلي كبداية أي ناشئ تفتحت عيناي على ما حولي وما يحيط بي من الواحة الخضراء (الأحساء) وبما تزخر به من خيرات زراعية وعادات وتقاليد ومهن شعبية، وحياة اجتماعية تسودها الألفة والمحبة.
كان لذلك المناخ الانطباع الحسن في تذوق الفن التشكيلي وعشقه لأنه الوسيلة المعبرة في إيصال انطباعي عن طريق الخطوط والعبث بالألوان لإنشاء علاقة حميمة بيني وبين البيئة التي تربيت فيها. تنامى معي حب الفن في مراحلي الدراسية، وبدأت أترجم ما بداخلي على الورق والقماش بالألوان، والأدوات البدائية تحت إشراف أساتذة لهم الفضل في الأخذ بيدي إلى عشق الفن واكتساب الخبرة بالمحاولة والتجريب، إلى دخول الساحة الفنية. عن طريق المشاركة في المعارض التي تعدها رعاية الشباب، كسبت الكثير من الخبرات وكانت هي الوحيدة المتابعة في مجال الفن عن طريق المسابقات وحضور المحاضرات والندوات والحصول على الكتب والمجلات التي تعنى بمتابعة ما يستجد في مجال الفن التشكيلي، وكان لذلك الاهتمام الفضل في تطور أسلوبي في الايقاع الخطي والبناء اللوني والحرص على الاشتراك في المعارض المحلية والدولية.
* ما أسباب قلة المعارض الفنية في الأحساء؟
- النشاط التشكيلي في الأحساء يبشر بخير إن استمر على هذه الحال، ولا أعتقد أن هناك قلة معارض إنما التباعد الزمني بين نشاط وآخر قد يترك فراغاً، فنشاط المعارض في الأحساء يأتي من مصدرين هما الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون والمعارض هنا محكومة بخطة برنامج زمني. والمصدر الثاني هو نشاط مكتب رعاية الشباب السنوي وإذا كان هناك قصور فيرجع إلى عدم الاهتمام بالنشاط الفني في الأندية إذا استثنينا منها نادي الجبيل فهو أنشط ناد يهتم بالمعارض السنوية.
* كيف يمكن اكتشاف المواهب الواعدة وتنميتها؟
- يمكن ذلك على طريقين:
الأول: متابعة الطلبة الموهوبين في المدارس عن طريق نشاط التربية الفنية ويرجع ذلك للعلم الواعي للنشاط الفني والتشكيلي.
الثاني: عن طريق اشتراك الشباب في الدورات الفنية التي تعدها الرئاسة العامة لرعاية الشباب لتنمية مواهب الشباب وإرشادهم وتوجيههم للاشتراك في معارض الموهوبين التي تعدها الجمعية.
* ما رأيك في المدارس الفنية الحديثة؟
- لكل نشاط استمرارية في البحث والتجريب للوصول إلى الأفضل في التجديد إلا لوقف الكون.
فالحداثة في الفن التشكيلي شيء مطلوب، ولكن لا يكون على حساب ما صدر وطبع في كتب قديمة، قبل مئات السنين، نادت بأساليب ومدارس تجريدية وانطباعية وتكعيبية.. الخ، إنها أشياء ضرورية كعلم ومعرفة وثقافة للفنان، لكنها غير لازمة في منهجية التطبيق، مجال الحداثة والتجريب في الفن علم واسع، فنحن في عصر العلم والاختراع في كثير من الوسائل المطورة في أدوات الرسم إلى أشعة الليزر والتشكيل باللدائن والمعاجين المختلفة والعروض في الفضاء وتحف الماء.
* استخدام الحاسب الآلي تماهيا مع صميم الفن التشكيلي-ما مدى تأثير ذلك على الإبداع الإنساني في هذا الفن؟
- الحاسب الآلي صار شيئاً من ضروريات الحياة، لا غنى عنه، لكنه مهما أفرز من أشكال غاية في الدقة لا تضاهي إحساس الإنسان في التعبير الانفعالي لأن المفردات التي أحدث الجهاز منها الأشكال ما هي إلا إبداعات الإنسان في الأصل خزنت بداخل الجهاز عن طريق ضغط الزر يقوم الجهاز بتكوين شكل من مفردات مخزنة في داخله، ولا ننسى أننا في عصر السرعة نحتاج إلى إنجاز أعمالنا في ثوان لنواكب عصر التقدم بجودة وإتقان.
* ماذا يوحي لك التراث والتاريخ؟
- التراث أصالة في المنشأ ومطلب ضروري لصدق العطاء لعناصر العمل الفني ومنه نستقي الأفكار لتنظيم بناء الأبراج الحسية.
أما التاريخ فهو بوابة المبدعين في التقدم العلمي والثقافي والفني وهو الماضي الشاهد على رصد الأحداث خيرها أو شرها.
* ما رأيك في الفن التشكيلي السعودي حديثاً وما مدى مقارنته بالفن العالمي؟
- الفن في المملكة العربية السعودية وخاصة الفن التشكيلي أخذ في الانتشار والتطور الملموس بحكم تعدد البيئات واختلاف التنوع في الطرح المعبر عن كل منطقة، ومحافظة توحدت الخطوط العريضة في الأعمال المشتركة في المعارض الجماعية بحكم التواصل بين الفنانين وتبادل الزيارات والاطلاع على مختلف البيئات والموروثات الشعبية الساحلية، الصحراوية والجبلية وحققت المعارض المحلية نجاحات لذلك أصبح الفن التشكيلي السعودي شكلاً مميزاً في المعارض خارج المملكة، وأصبح فناً معروفاً على مستوى العالم العربي، أما مقارنته بالفن العالمي فليس ببعيد أن يصبح عالمياً، لأن الفن السعودي مثله فنانون سعوديون، وعرضوا في العديد من المعارض العالمية التي حققت الامتياز والجودة، كما أن هناك معارض سعودية تشارك في الخارج مثل المملكة بين الأمس واليوم في فرنسا وبريطانيا وألمانيا وأمريكا.