شعر طار الحمام فيصل سليم التلاوي |
| | |
|
طار الحمام وراعني عجبا |
كيف استقل طريقه سرَبا |
ولمحته في أوج نشوته |
يطوي الفجاج ويمتطي السُحبا |
وأجلتُ طرفي صوب وجه |
فارتد مني الطرف منقلبا |
وسألت أهل الحي كلهم |
من شطّ منزله ومن قربا |
يا من رأى سربا على عجل |
من فوره قد فارق الزَغبا |
فيبثه نجوى (مُطوقةٍ) |
تهدي إليه الشوق والعتبا |
لم تبتئس لشراك صائدها |
بل ربما التمست له سببا |
ما غالها إلا يد وجَفت |
ما لوحت من وجدها طربا |
مقرورة أبدا وخائفة |
وتخالها في يبسها حطبا |
ذو المحبسين يقض مضجعها |
ويبث في أعماقها الريبا |
والنفس توغل عبر ظلمتها |
كم أوقدت من مشعل فخبا |
جرح يسابقني ويسبقني |
مهما تراني ممعنا هربا |
هذا هو الجرح الذي أمِلت |
أشواكه أن تثمر العنبا |
لكنه من غيظه نغرَت |
جنباته وتدفقت عربا |
فوق الرمال على مطيهم |
لا يسأمون الغزو والحربا |
يتفاصحون بملء شدقهم |
كل يلمع عجله الذهبا |
وعلى تخوم القرن خيمتهم |
قد ركزوا الأعواد والطنبا |
تزهو بحادي العيس منتشيا |
قد فاخر الأقوام وانتسبا |
إني ابن ذاك الحي من (مُضَر) |
وعلى الأباعر أشدد القتبا |
الماء فوق الظهر أحمله |
لا أشتكي ظمأ ولاسغبا |
عذراً بني عمي ومغفرة |
إن خفّ ركبي نافراً خَبَبا |
ومضيت لا ألوي على أحد |
أماً نبذت بربعكم وأبا |
هذا العقوق ورثته حِقبا |
فاستوطن الأنساغ والعصبا |
وحدي أعانق نخلة جنحت |
وأحز من سعفاتها صُلبا |
لما أظلتني غدائرها |
وهمت عليَّ قطوفها رطبا |
أقسمت هذا الجذع جذع أبي |
ما كان يوما جذعه خشبا |
وصرخت من وجدي ومن لهفي |
فليبقَ هذا الجذع منتصبا |
ليقال يوما كان شاهدهم |
لما حنوا الهامات وهو أبى |
ولتعذروا إن مت من عجبي |
هل مات قبلي ميت عجبا؟! |
|
|
| |
|