من الناس من يتاجر بنفسه وماله ونواياه وخلقه مع الله تعالى... ومنهم من يتاجر لحياته وراحة باله في الدنيا:
** إذ من الناس من إن تعاملت معه برفق ذهب يظن فيك ضعفاً... فيما هناك منهم من يدرك مكامن قوة خلقك...
** ومنهم من إن سددت حاجته ذهب يؤول عطاءك خبثاً... فيما هناك منهم من يعي تجارتك مع الله فيما تعطيه...
** ومنهم من تكرمه بالصفح فيتمادى عنك في القدح... فيما منهم من يتعلم منك سبل العفو...
** ومنهم من تذكره بالخير فيذكرك بالشر... فيما منهم من يحفظ لك حسن الذكر...
** ومنهم من تفرح لنجاحه فيلمزك بالنقص...فيما منهم من يثمن لك فرحك...
** ومن الناس من إن قويت همته وقصرت قدرته في مواقف العطاء جلدته سياط الآخرين دون التماس العذر له...
** ومنهم من تغفل بحسن ظنك عن مكره فيزداد تسلطاً عليك...
** ومن الناس من همه الأول الأكبر متابعة الجار والصاحب والقريب والبعيد... فيتتبع أمرهم ويخوض في سيرهم ويتلذذ بمعايبهم ويستمتع بالحديث عنهم بما يعلم وبما لا يعلم... فيما من الناس من لا يخوض مع الخائضين إلا عند ذكر حسن أو شهادة حق... اتقاءً لظلم وخوفاً من الربّ...
** ومنهم من لا ينجح إلا على جثث الآخرين ولا يفرح إلا بكدرهم... ولا ينتشي إلا بالتنغيص عليهم... ولا يعتلي إلا بإسقاطهم... فيما هناك من لا يشعر بنجاحه إلا في كنف من معه... ولا ينتشي إلا بإسعادهم ... ولا تنام له عين دون أن يطمئن عليهم... ولا تحلو له سلمة ارتقاء إلا ويده في أيديهم...
** ومن الناس من يعطي دون أن يسأل عمن يعطي حفظاً لماء الوجه... ويمنح دون أن يتأكد من حاجة من يسأله ثقة في صدق المطلب... ويساند كل من يحتاج إليه نقاء في الظن...فيما هناك من لا يتحرك قيد أنملة ولا يعطي حجم ذرة دون أن يتحرى ويتأكد، يقدم سوء الظن... ويميل لدرء التآويل عن نفسه...
** ومنهم من يأخذ حتى وهو يعلم أن ما يأخذه ليس له ولا حق له فيه فيتسلط على الآخر بقوته...فيما منهم من يخشى الظلم ويهاب العاقبة...
** ومن الناس من يظن في الطيب منهم غباء... ويسيء الظن بكل فعل حسن... ويفتش عن ضعف الآخرين وهو أوهنهم... وعن أخطاء البشر وهو منهم... ولا تقر له عين دون أن تكشفهم... فيما هناك منهم من يعلم أن في البشر ضعفاً كما في الطيب من الأخلاق أجراً... وأن للإنسان ما سعى... وأن أعمال البشر وأقوالهم مناط رحمة الله... فمن رزق خلقاً طيباً وقدرة على التجاوز والصفح والعطاء بلا منّة والتكافل مع الآخرين إنما هو من فضل الله...لا تلحق هذه الأخلاق بصاحبها الوهن أو الغباء أو الخبث بل تهيؤه للأجر... بمكاسب الصبر... فيما على الآخرين من الناس أن يلجأوا لطلب الصفح والمغفرة ورضوان الله...
***
وقد فتح الله أبواب التوبة وهي مشرعة لا تغلق...
فمن أوتي حظاً من الرحمة... ونوراً للأوبة بنية صادقة وعزم أكيد فإنه لن يضل اتجاه الأبواب لها...
***
و... لكن:
ألا تتفقون معي بأن أخلاق الناس قد ساورتها من الدنيا أمراض كثيرة... فاختلفت تجارتها... وتفاوتت أغراضها... وتلونت أساليب تعاملها...؟
***
فالنماذج الأولى تقصد الله تعالى ولا تعير البشر انتباهتها... ولا تلقي للدنيا بالا إلا بقدر أن تعيش لتبني لدارها ختام المسار... وهي في وجل من قصور...
بينما النماذج الأخرى فيما تضمن السلامة لها في دار الفناء لا تبني لدار القرار...
***
فأي التجارتين أربح...؟
وأي الدارين أبقى...؟
***
وأين الحكماء عن أمراض الأخلاق...؟
تلك التي تفشت وسرت نارها في هشيمها...
***
ولا يزال في الناس خير ما دامت القلوب تنبض برحمة الله...
***
(وردة الشبيلي)... أيتها النقاء هذه السطور من إيحاء حوارك, دامت لك طمأنينة الأخلاق الجميلة.