اعداد: أحمد سليمان
وجَّه المنتخبان الغاني المضيف والعاجي وصيف البطل إنذارَين شديدَي اللهجة إلى المنتخبات المتأهلة إلى الدور ربع النهائي. وتشهد النسخة الحالية بشكل عام مستويات رائعة من قِبل جميع المنتخبات حتى غير المرشحة منها، التي كانت تسعى إلى لعب دور الحصان الأسود، وفي مقدمتها بنين وزامبيا وناميبيا التي أحرجت أصحاب الأرض وخسرت أمامهم بصعوبة صفر/1 وتعادلت مع غينيا 1/1.
وقد سُجل 70 هدفاً في 24 مباراة في الدور الأول بمعدل 2.92 هدف في المباراة الوحدة، وهي أكبر نسبة منذ نهائيات 1976 في إثيوبيا.
والمنتخبان الغاني والعاجي هما الوحيدان اللذان حقق كل منهما 3 انتصارات متتالية في الدور الأول، وتصدرا مجموعتيهما الأولى والثانية على التوالي. وخرجت نيجيريا من عنق الزجاجة بحجزها بطاقة التأهل في الجولة الثالثة الأخيرة بفضل خدمة جليلة أسدتها لها ساحل العاج، وكانت مالي والسنغال أبرز الضحايا بفشلهما في تخطي حاجز الدور الأول.
وإذا كان المنتخب الغاني وجد صعوبة كبيرة في المباراتين الأوليين أمام غينيا (21) وناميبيا (1/صفر) فإنه كان الطرف الأفضل فيهما، وسنحت لمهاجميه أكثر من فرصة حقيقية للتسجيل؛ فقد أظهر بوضوح صفات البطل في مباراته الثالثة أمام المغرب التي أنهاها في صالحه 2/صفر، وأكد بالتالي أنه مرشح لإبقاء الكأس في العاصمة أكرا، وإحراز اللقب للمرة الخامسة بعد أعوام 1963 و1965 و1978 و1982، ومعادلة الرقم القياسي الموجود بحوزة المنتخب المصري (1957 و1959 و1986 و1998 و2006).
واعتبر مدرب غانا الفرنسي كلود لوروا أن رجاله قدموا أفضل مباراة منذ إشرافه على تدريبهم، وقال (إنها أفضل مباراة تكتيكياً وفنياً وبدنياً ومعنوياً، قدمنا عرضاً جيداً). ويملك لوروا الأسلحة اللازمة للظفر باللقب للمرة الثانية بعدما حقق هذا الإنجاز مع الكاميرون عام 1988 في المغرب، وخصوصاً في خطي الوسط والهجوم بتواجد نجم خط وسط تشلسي الإنجليزي مايكل إيسيان وبورتسموث الإنجليزي سولي علي مونتاري، ومهاجم أودينيزي الإيطالي أسامواه جيان وبرمنغهام سيتي الإنجليزي مانويل أغوغو وجناح سلتا فيغو الإسباني كوينسي أووسو. وأعطى هؤلاء النجوم ضمانة كبيرة للمدرب لوروا لتحقيق نتائج جيدة، حتى أنه ذهب إلى أبعد من ذلك عندما قال (ينتابني إحساس بأن غانا ستحرز اللقب على أرضها، إننا نسير على الطريق الصحيح، وأشعر بأنني في طريقي إلى تكرار إنجازي مع الكاميرون عام 1988 في المغرب عندما نجحنا في إحراز اللقب). وتابع (يوماً بعد يوم، ومباراة بعد مباراة، يصبح من الصعب الفوز علينا). وأضاف (نمتاز على المنتخبات المتأهلة بعاملي الأرض والجمهور، ونتمنى أن يكونا سنداً لنا في المباريات المتبقية، وأعتقد أننا لن نخيب الآمال). ويمكن القول بأن غانا ستواجه اختباراً حقيقياً في دور الأربعة أمام جارتها نيجيريا؛ حيث لم يسبق لها الفوز على الأخيرة منذ عام 1992، وإن كانت سحقتها 41 في لندن قبل البطولة، بيد أن المباراة كانت ودية وبعيدة عن طابع المنافسة. إلا أن لوروا أكد أن (الأجواء في صفوف نيجيريا ليست على ما يرام بسبب صعوبة حجزه بطاقة الدور الثاني. نحن مستعدون لمواجهة أي منتخب. هدفنا إحراز اللقب، وبالتالي لا يجب الخوف من مواجهة منتخب ما وتفضيل مواجهة الأضعف).
من جهته، أكد المنتخب العاجي تصميمه على تعويض اللقب الذي خسره بركلات الترجيح عام 2006 في مصر. وخرج المنتخب العاجي (سالماً غانماً) من مجموعة الموت التي ضمته إلى جانب نيجيريا ومالي وبنين، وكسب النقاط التسع الممكنة عن جدارة مسلحاً بنجمي تشلسي الإنجليزي قائده الهداف ديدييه دروغبا والجناح سالومون كالو، بالإضافة إلى لاعب وسط برشلونة الإسباني يايا توريه وقطب دفاع آرسنال الإنجليزي حبيب كولو توريه وزميله في الفريق اللندني إيمانويل إيبويه. وحققت ساحل العاج 3 انتصارات مدوية أداء ونتيجة على الرغم من خوضها المباراة الأخيرة في غياب أكثر من لاعب أساسي، في مقدمتهم كالو بسبب الإيقاف وكولو توريه بسبب الإصابة. وأكد مدرب ساحل العاج الفرنسي جيرار جيلي (حققنا حتى الآن هدفنا الأول وهو تخطي الدور الأول، لقد نجحنا بامتياز بدليل أننا لم نخسر أي مباراة. إنه إنجاز رائع سيرفع معنويات اللاعبين في باقي مشوارنا في البطولة). وتابع (نعاني من ضغوطات كبيرة لأننا مرغمون على تكرار إنجاز النسخة الأخيرة على الأقل، بيد أن خبرة اللاعبين كان لها دورها في عدم التأثر بالعوامل الخارجية). مضيفاً (أعتقد بأن خبرة وفنيات ومؤهلات بعض لاعبي ساحل العاج هي التي أحدثت الفرق وقادتنا إلى تحقيق الانتصارات)، في إشارة إلى كالو صاحب هدف الفوز على نيجيريا 1/صفر في الجولة الأولى من مجهود فردي رائع تخلص فيه من 3 لاعبين وسدد كرة قوية داخل المرمى.
أما القائد دروغبا فقال: (هدفنا هو إحراز اللقب. أنهينا المرحلة الأولى بامتياز، والآن يجب التفكير في المرحلة الثانية الأخيرة التي نستهلها بمواجهة قوية أمام غينيا. يجب الاستعداد لها جيداً؛ لأن تأهل غينيا ليس مجرد صدفة).
ولا يقل المنتخب المصري حامل اللقب شأناً عن المنتخبين الغاني والعاجي، وهو بدوره حجز بطاقته بامتياز متقدماً على الكاميرون التي كانت المرشح الأبرز لصدارة المجموعة الثالثة. وكانت الكاميرون قاب قوسين أو أدنى من توديع المنافسات مبكراً بعد تعرضها لخسارة قاسية أمام الفراعنة 24، لكنها تداركت الموقف أمام زامبيا وسحقتها 5 1، قبل أن تذل السودان 3/صفر.
من جهته، أبدى المنتخب التونسي بوادر إيجابية في إمكانية استعادة اللقب الذي خسره في النسخة الأخيرة بخروجه من ربع النهائي، وهو هذه المرة يشارك بمنتخب شاب وطموح أكد أحقيته بتخطي الدور الأول. وتبقى أنجولا ظاهرة القارة السمراء في الأعوام الأخيرة منافساً بارزاً ومرشحاً لتفجير المفاجأة بعد العروض المتميزة التي قدمتها في الدور الأول. ونجحت أنجولا في حجز بطاقتها إلى الدور ربع النهائي للمرة الأولى في تاريخها، مؤكدة بروزها على الساحة في الآونة الأخيرة من خلال حجزها بطاقة التأهل إلى مونديال ألمانيا 2006. ولفت مهاجم أنجولا مانوتشو الأنظار بتسجيله ثلاثية حتى الآن، وهو الذي أعاره مانشستر يونايتد الإنجليزي إلى باناثينايكوس اليوناني حتى نهاية الموسم على اعتبار أنه لم يحصل على رخصة العمل بعد تعاقده مع الشياطين الحمر قبل شهرين. وخرجت نيجيريا بطلة عامي 1980 و1994 من عنق الزجاجة، وهي تدين ببلوغها دور الثمانية إلى ساحل العاج التي أزاحت مالي من طريقها بالفوز عليها بثلاثية نظيفة في الجولة الأخيرة. واستهلت نيجيريا البطولة بخسارة أمام ساحل العاج نفسها صفر/1، ثم سقطت في فخ التعادل أمام مالي صفر/صفر، فوجدت نفسها أمام خطر الخروج من الدور الأول للمرة الأولى منذ عام 1982 في ليبيا بخسارتها أمام زامبيا والجزائر. وارتفعت الأصوات مطالبة بإقالة المدرب الألماني بيرتي فوغتس، وعقد الاتحاد المحلي اجتماعاً طارئاً لبحث المسألة قبل أن يقرر تجديد الثقة في (العجوز الألماني)، فلم يخذله وقاد (النسور الممتازة) إلى فوز ثمين على بنين 2/صفر في الجولة الأخيرة، وقطع المشوار إلى ربع النهائي بفضل (هدية) ساحل العاج. وتنفس فوغتس الذي قاطع المؤتمرات الصحفية بسبب عدم احترامه من قبل الصحفيين النيجيريين بحسب قوله، الصعداء، وقال (كنا نلعب ضد الضغط وليس المنتخبات. وسائل الإعلام النيجيرية تطالب يومياً بإحراز اللقب، لكنهم نسوا أن نيجيريا لم تحقق ذلك منذ 14 عاماً)، مضيفاً (منتخبنا شاب، وخسرنا أبرز الأوراق الرابحة نواكوو كانو وأوبافيمي مارتينز بسبب الإصابة، فيما لم يقدم جون أوتاكا حتى الآن مستواه المعهود). وتابع: (الآن أمامنا مباراة ساخنة أمام غانا الأحد. إنها مجرد مباراة كرة قدم فقط، وبطبيعة الحال سنحاول الفوز فيها. الضغط الآن على غانا، وسنعمل على استغلال هذا العامل). وكانت منتخبات السنغال ومالي وجنوب إفريقيا والمغرب أبرز ضحايا النسخة الغانية التي أطاحت برأس مدرب السنغال البولندي الأصل الفرنسي الجنسية هنري كاسبرجاك. واستقال كاسبرجاك من منصبه مباشرة بعد الخسارة أمام أنجولا 13 في الجولة الثانية، علما بأن السنغال كانت البادئة بالتسجيل، كما أنها سقطت في فخ التعادل أمام تونس 22 في الجولة الأولى بعدما كانت متقدمة 21، قبل أن تسقط في فخ التعادل أيضا أمام جنوب إفريقيا 1/1 في الجولة الثالثة الأخيرة الخميس الماضي. ويبدو أن السنغال دفعت ضريبة استهتار بعض نجومها، وفي مقدمتهم القائد (الولد الشقي) الحجي ضيوف وحارس المرمى طوني سيلفا اللذان ضبطا أكثر من مرة في أحد الملاهي الليلية قبل المباريات. وهي المرة الأولى التي تودع فيها السنغال من الدور الأول منذ عام 1986 في مصر والثانية في تاريخها بعد عام 1968، حيث حلت رابعة أعوام 1965 و1990 و2006 وثانية عام 2002، وخرجت من ربع النهائي أعوام 1992 و1994 و2000 و2004م. ولم يكن حال مالي أفضل من السنغال، وخرجت بدورها من الدور الأول للمرة الأولى في 5 مشاركات، علما بأنها بلغت دور الأربعة في المشاركات الأربع الأولى فحلت وصيفة عام 1972 ورابعة أعوام 1994 و2002 و2004م. واستهلت مالي البطولة بالفوز على بنين 1/صفر، ثم تعادلت مع نيجيريا صفر/صفر وكانت بحاجة إلى نقطة واحدة من مباراتها مع ساحل العاج بيد أنها مُنيت بخسارة مذلة صفر/3 في مباراة من طرف واحد. وتلقت مالي ضربات موجعة في هذه المباراة؛ حيث أصيب نجمها فريديريك كانوتيه وباسالا توريه، ولم يستطيعا إكمال المباراة على غرار أداما كوليبالي بسبب المرض.