طهر عينك وذاكرة هاتفك من كل مشهد خادش لتبقي لقلبك عفته ولعينيك مسحة براءة تفر فرار القطا من كل مخالف للفطرة، لتبقي لحياتك جمالها. لا تنساق خلف البلوتوث وتشهد الجرائم المعبأة داخله، والكم الكبير من السخافات فيه، حتى إنك لتخجل من مستوى ما يتداوله الكثيرون من حولك.
قاوم هذه الهشاشة والتفاهة حولك حتى لو نعتوك بكل النعوت التي تليق بذاكرة هواتفهم. قاوم هذا التسطح الممجوج وهذا الغزو المنظم الذي يستهدف براءة عينيك وعفة لسانك. ناضل من أجل أن يظل الإنسان داخلك هو هذه الشمس الواضحة التي لا تعرف مخابئ الليل وكهوف الأشرار!
حتى لو رأيت الجموع حولك تتدلى رقابهم على صدورهم يدمنون هذا السوء المصور، وهذا الخدش السافر للفضيلة. يشاهدون ويتبادلون، ثم يقاطعهم الأذان، فيصلون ويعاودون، لا تمنعهم صلاتهم من رؤية الخادش ولا يلحقهم من ذلك أدنى تأنيب ضمير!
هذا الاحتفاء الكبير بجريمة البلوتوث، وهذا التوق الجارف لمشاهدة تفاصيلها، وهذا الإمعان المترصد لتبادلها وتوسيع انتشارها، هو ما يجعل البلوتوثات تزداد، والعبقرية الشريرة تتمادى في نسج سيناريوهات جديدة ومبتكرة في كل مرة.
إن معاقبة ناشري الفحش سيسهم حتماً في محاصرة الجرائم الأخلاقية، وعلينا أن نعتبر حيازة بلوتوث خارج في الجوال جنحة يعاقب عليها مقتنيها. في الدول الغربية يعملون ذلك الإجراء. ونحن الذين ننام ونستيقظ على مصطلحات الخصوصية والتربية الدينية لا نعاقب على انتشار هذه المصائب الأخلاقية، ونبحث فقط عن من قام بها وكأن الذي ساهم في نشرها ليس شريكاً في الجريمة!
العفة والفضيلة كل لا يتجزأ. وعفة العين والقلب واللسان هي الوجاء الذي يجعلك تنتفض لمحاربة الفساد الأخلاقي بكافة صوره، ترفض انتشاره معبأ في أجهزة الناس حولك، كأنما هي قنابل موقوتة للإطاحة بكل القيم التي هي صدق الحياة ووجهها الجميل الذي تبتسم له كل صباح. وحين تعتاد على مشاهدة أو سماع ما هو سيئ أو خادش، فلن يكون لك غيرة على حرمات الله، ولن تستشعر مسئوليتك تجاه من ترعاهم من زوجة وأبناء، بل قد يكون لذلك متاعب نفسية شديدة التأثير على صفاء نفسك. فالصفاء مثل صحراء بكر، لا بد أن تحميها من دنس المشاهد أو الألفاظ الخارجة.
في ميادين العمل، أصبح جزء من برنامج تزجية الوقت هو تبادل مثل هذه البلوتوثات. وكلّما قلَّ المستوى الفكري ازدادت نسبة البلوتوثات الخارجة. ويكثر ذلك في بيئات عمل الرجال! ولا تسلم منه بيئات عمل النساء وإن بشكل أقل. ويزداد منسوبه مع تزايد البطالة المقنعة، خصوصاً ممن تمنحهم طبيعة أعمالهم مميزات مثل الإنترنت وغيره.
تقنن وزارة الداخلية بشكل دقيق مسألة توزيع أجهزة الحاسوب وخدمة الإنترنت لموظفيها، وتشدد في مدى حاجة العمل الفعلية لمثل هذه الأجهزة التي قد يساء استخدامها. بينما تتساهل جهات أخرى وتعتبر أن الحاسوب حق لكل موظف وزيادة في الوجاهة. وبذلك تسهم دون أن تدري في انتشار مثل هذه البلوتوثات في بيئة العمل.
إنني أتوخى من سمو وزير الداخلية الأمير نايف بن عبد العزيز, وهو المهموم بحفظ الأمن والأخلاق، أن تصدر وزارته قانوناً يجعل من حيازة بلوتوثات منافية للدين والأخلاق وناشرة للفحش والجريمة، أن تعد ذلك مخالفة يعاقب صاحبها بالعمل الاجتماعي والطوعي وخدمة المساجد ومساعدة المرضى والعجزة. إننا بذلك سنروض النفس الإنسانية على حب الخير وتجنب المساهمة والاستمتاع والتلذذ برؤية الشرور والمفاسد.
fatemh 2007@ hotmail.com