هناك بون بين طموحات وتوجيهات خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين وبين (المنهج الإداري) للجهات المسؤولة عن استقرار الأسعار. فخلال السنتين الماضيتين، كان تفاعل بعض المسؤولين مع إشكالية التضخم دون مستوى بمعاناة متوسطي ومحدودي الدخل.
* القرارات إيجابية إجمالاً، حيث صاحبها حيز كبير من الجدية التي تبعث التفاؤل بأن هذه خطوة سابقة لخطوات أخرى ستساهم في تكييف مستوى معيشة الأسرة السعودية مع التغيرات الاقتصادية التي كان لها تبعات سلبية على حياة شريحة كبيرة من الأسر.
* احتوت هذه القرارات على أمور مهمة والتي للأسف يبدو أنها غابت في خضم حالة التحفظ الذي أبدته شريحة من المواطنين على قضية الزيادة المباشرة في الأجور (بدل غلاء المعيشة). فمن ضمن ما صدر مجموعة من القرارات التي تقدم حلولاً إستراتجية لبعض التشوهات الاقتصادية التي يعاني منها هيكل (الاقتصاد الاجتماعي السعودي).
* رمت القرارات إلى تحسين دخل الأسرة السعودية من جهة ومساعدتها من جهة أخرى من خلال دفع جزء من الفاتورة الاستهلاكية عنها، وكل هذا بهدف (ترميم القدرة الشرائية, وهذا بحد ذاته يقدم علاجاً مكلفاً لآثار التضخم وليس التضخم عينه، مما يعني أن وتيرة التضخم ربما تستمر بنفس الحدة نتيجة (الضعف الهيكلي المعقد) للأجهزة الرقابية في الجهات المسؤولة عن رقابة الأسعار (كوزارة التجارة، والجهات الإشرافية الحكومية الأخرى).
* ما زال هناك حيز كبير لإطلاق عدد من المبادرات والقرارات التي تستهدف تهيئة البنية الاقتصادية والاجتماعية لتكون مرنة بما يكفي لتضمن فعالية السياسات الاقتصادية وبتكلفة أقل. ولعل من أبرزها السياسات الرامية إلى إصلاح منظومة (الأمان الاجتماعي) والتي تشمل أنظمة التقاعد (وآلياتها العامة والخاصة)، وتعويضات العاطلين عن العمل، وأنظمة الادخار، والتأمين الطبي الحكومي، وغيرها من الأدوات الرامية إلى خلق منافذ عديدة للدخل بهيكل تكاليف لا يرتبط بمصروفات الحكومة. إضافة إلى ذلك، فالحاجة أضحت ماسة بالتعجيل بإصلاح هيكلي محض لسوق العمل، فهي نواة لتمويل احتياجات الأسرة السعودية. ولا سيما إذا علمنا أن معدلات البطالة مرتفعة لدينا بالمقاييس الدولية، فهي تبلغ 45% بين فئة الشباب بين 15 و24 عاماً حسب الإحصاءات الرسمية. إضافة إلى أن معدلات البطالة قد زادت بأكثر من 25% منذ بزوغ فجر مرحلة الازدهار الاقتصادي الحالية في عام 2003م.
استشاري اقتصادي
algudhea@yahoo.com