Al Jazirah NewsPaper Saturday  02/02/2008 G Issue 12910
السبت 25 محرم 1429   العدد  12910
هل يقبل السوق على شهر مضاربات ملتهب؟!
خفض الفائدة وتوقعات بقاء مستويات التضخم تدفع السوق للهدوء في الأيام الأخيرة من يناير

تحليل - فهد الحربي

أغلق سوق الأسهم السعودي بانتهاء أول شهر من أشهر عام 2008، ليصور الأثر الذي وقع فيه جراء الأخبار المتتابعة والساخنة التي أحاطت به خلال الثلث الأخير من هذا الشهر، وليكون تهدئة لقوة الاندفاع التي اتسمت بها الأشهر الستة الماضية.

وكان السوق بشكل عام مندفعا في بداية شهر يناير استكمالا لحالة الاندفاع والصعود التي استمر عليها خلال الأشهر السابقة، ومن ثم بدأ بالهبوط بشكل قوي جداً، تجاوبا مع بعض الأخبار المنبعثة من داخل السوق كأرباح شركة سابك غير المتوقعة لدى كثير من المتداولين، وتداول بعض الشركات الكبيرة كشركة (بترورابغ) ومتأثرا بصورة بليغة بأهم الأحداث المحيطة بالاقتصاد العالمي والمتمثلة في المخاوف حيال الاقتصاد الأمريكي وما سيجنيه على الاقتصاد العالمي، ومن ثم أعقب ذلك هدوء في الأيام الأخيرة من الشهر، بعد أن هدأت قوة الأخبار السلبية، وأحاطت بالسوق ظلال الأخبار الإيجابية المفيدة بمحاولات تدارك الأزمة، كأخبار خفض سعر الفائدة من البنك المركزي الأمريكي، وما تبعه من قرارات مشابهة داخلية، وأخبار زيادة الرواتب، وتطمينات جيدة بشأن إمكانية السيطرة على حالة التضخم التي يعاني منها الاقتصاد بشكل عام.

كل هذه الأحداث المتسارعة انعكست على حركة السوق بصورة جلية، مما جعله محل الاهتمام والمتابعة الدقيقة من كثير من المتداولين، ومما جعل الأخبار الاقتصادية وأخبار سوق المال على الخصوص، تتصدر الاهتمام، وليست أخبار السوق السعودي فقط، بل شاهدنا للمرة الأولى اهتماما لم يكن معهودا على تطورات الأسواق العالمية والعربية برمتها.

التحليل الزمني لشهر يناير 2007:

لا يحظى التحليل الزمني بشعبية كبيرة لدى المتداولين والكثير ينصرفون عنه وبالأخص على التداولات اليومية، حيث يظهر عديم الجدوى، ولكنه على التداولات الشهرية يكتسب ميزة خاصة.

وضع - وليام جان William D.Gann، أسس التحليل الزمني، وأحاطه بما أحاط بشخصيته، وبنى جميع نظرياته في التحليل الزمني على أس واحد (لا جديد تحت الشمس) فاستنبط من ذلك أن جميع ما يحدث اليوم أو قد يحدث غدا، من الممكن التنبؤ به بالعودة إلى الكتب القديمة، فلم يكتف بالمعادلات الرياضية ليؤصل تعامله مع أسواق المال، بل عاد إلى الكتب المقدسة في جميع الأديان السماوية ليخرج بعدد من المعطيات ساعدته بصورة كبيرة في تكوين ثروة كبيرة من أسواق المال، وجعلته أحد أهم المنظرين في أسس التعامل الزمني مع أسواق المال.

ومن أبسط وأدق تركة وليام جان هو ما تركه حول الرقم (7) وأثره على انعكاسات حركة السوق، حيث استنبط ذلك من كتب الحضارة الفرعونية وبعض الكتب المقدسة ومن أهم كتاب وهو: القرآن الكريم والسنة النبوية، والتي أولت هذا الرقم عناية فائقة، فقد خلق الله سبع سماوات وسبع أراضين، وجعل للجنة سبعة أبواب وللنار مثلها، وأعطى النبي صلى الله عليه السبع المثاني، وذكر الله مثالا في القرآن على مضاعفة الربح بالحبة التي أنبتت سبع سنابل، وفي السنة النبوية يعق عن المولود في يومه السابع.

كل هذه الأمور جعلت للرقم (7) أهمية خاصة لدى جان في تعامله مع أسواق المال، وقد استفاد من ذلك كثير ممن أتى بعده بعد مشاهدة حقيقة ذلك على حركة أسواق المال.

التحليل الزمني، وأثر الرقم (7) ليس أسطورة، أو محض خيال، بل هو واقع تعيشه أسواق المال بصورة دائمة، ولعل السوق السعودي يظهر فيه ذلك بصورة جلية جدا، ولكن لا يظهر ذلك بصورة ادق من ظهوره على الشارت الشهري.

ودائما ما تبدأ الموجة الصاعدة بستة أشهر من العطاء، ثم يتبعها شهر آخر يهدأ فيه السوق ويلجأ لنوع من التصحيح أو التهدئة. وفي أحيان قليلة يمتد العطاء لسبعة أشهر، ويكون الهدوء في الشهر الثامن.

وإذا ما نظرنا لسوقنا خلال الفترة الماضية نرى بأنه قد دخل في موجة صاعدة ابتداء من شهر يوليو 2007، لتستمر هذه الموجة بشكل صاعد ومتواصل حتى أكملت شهرها السادس، وعاد السوق ليصحح بصورة عادلة حتى الآن في الشهر السابع وهو شهر يناير المنقضي.

الشارت يوضح بصورة جلية أهمية الاعتماد على التحليل الزمني في التعامل الشهري مع السوق، وأهمية اعتماده كمصدر أساسي في قراءة أسواق المال قراءة شهرية. حيث يظهر به بجلاء احترام السوق للرقم (7) شهريا بصورة دقيقة، ليس من الان فقط، بل منذ بدأ السوق.

المؤشرات الفنية:

بالنظر إلى المؤشرات الفنية البطيئة نرى أن الأورون، اظهر إشارة إيجابية بداية هذا الشهر، وهي أولإشارة إيجابية له منذ بداية الهبوط في مطلع 2006م. وكذلك الحال مع الماكد، الذي سبقه بالتقاطع الإيجابي في مناطق متدنية جداً، تدل على وصول السوق لمراحل الشراء بالنسبة للمستثمر الطويل الأمد، ولكن وصول الماكد إلى خط الصفر صعودا، قد يتبعه بعض الاسترخاء الذي لا يؤثر على حركته العامة الصاعدة.

وبالنظر إلى المؤشرات السريعة، نجد أن أغلبها يشير إلى دخول السوق في موجة هابطة قد نشاهدها خلال الشهر القادم (فبراير) ويظهر ذلك بشكل جلي على مؤشر الاستوكاستك، الذي تقاطع بشكل سلبي في مناطق تدل على التشبع بالشراء.

وأغلب المؤشرات الفنية تدل على احتمالية تعرض الشركات القوية التي أعطت بصورة جيدة خلال الأشهر الماضية، لموجة جني أرباح صحية، قد تمتد حتى نهاية الشهر الحالي (فبراير)، وقد تمتد حتى اقتراب إعلان نتائجها الربعية القادمة.

ويجب التركيز على أن السوق مازال رغم ما حل به من هبوط في موجة صاعدة، يتضح ترندها في الرسم، ويعتبر الإغلاق أقل من 9350 نهاية الشهر القادم علامة سلبية قد تدفع السوق للدخول في موجة هابطة جديدة.

بالنظر إلى القطاعات:

نجد بأن القطاع الصناعي ينطبق عليه ما ينطبق على السوق بشكل عام، من تضخم في مؤشراته السريعة، مع تراخي في المؤشرات البطيئة، مما يدل على احتمالية تعرضه لموجة جني أرباح لا تؤثر على مساره الصاعد بشكل عام.

وكذلك قطاع البنوك والاتصالات والاسمنتات والخدمات. فجميعها تقريبا تدور في فلك واحد. الاختلاف الظاهر يبدو في قطاع التأمين، فالقطاع سبق بقية القطاعات في التصحيح ولا يزال في مسار صاعد، حيث أنهى موجته الصاعدة التي بدأت من مطلع شهر أغسطس عام 2007، ثم دخل في موجة تصحيح طويلة صحح من طول الموجة الصاعدة ما قدره: 61% منها، ويبدو أنه مؤهل للارتداد خلال الشهر القادم والاستحواذ على قدر لا بأس به من السيولة التي قد تغادر مؤقتا بعض القطاعات الكبيرة. وتناقص حجم التداول في مساره الهابط بشكل عام يدل على استيفاء القطاع تصحيحه والله أعلم. ومع ذلك يجب مراقبة كميات التداول على القطاع والحذر من كسره لأقل نقطة سجلها خلال الموجة الهابطة السابقة.

بينما تظهر الحيرة بشكل أكبر على قطاع الزراعة، فالقطاع - ويقاس عليه عدد كبير من الشركات الصغيرة والخاسرة - رغم أنه في مسار هابط عام، ولكنه في ذات الوقت ارتد من نقطة دعم قوية تمثل ترند مساره الهابط على المدى المتوسط. وقد يتبع ذلك انتعاش جيد للقطاع، وارتداد لا بأس به، واتجاه جزء من السيولة التي قد تبحث لها عن ملجأ إليه، وهذا لا يمنع من التنويه على نسبة المخاطرة العالية في القطاع وما يقاس به من شركات، خاصة لو حقق قيعان جديدة خلال الأسبوع الأول من الشهر الحالي.

جميع ما سبق ربما يوحي لنا، بأننا أمام شهر مضاربي بحت، إن صحت القراءة، مع وضع المناخ العام في عين الاعتبار، والقرارات التي اتخذت اليوم بتوضيح حقيقة زيادة الرواتب، التي قد تتخذ وبدأت تلوح في الأفق كفصل الريال عن الارتباط بالدولار في عين الاعتبار، وما قد يحدث من نتائجها من آثار مؤقتة، كذلك توقعات مؤسسة النقد بتحجيم التضخم والسيطرة عليه، جميعها قرارات يجب أن تؤخذ في اعتبار المتداول خلال الشهر القادم.

ملخص التقرير:

لا يزال السوق في موجة صاعدة، مالم يغلق نهاية شهر (فبراير) أقل من 9350. ويبدو ذلك من المؤشرات الفنية البطيئة، بينما تدل المؤشرات السريعة على احتمالية دخول السوق في موجة عرضية خلال شهر (فبراير) في أغلب قطاعاته، مع اشارات إيجابية على قطاع التأمين، وحيرة واضحة على القطاع الزراعي.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد