Al Jazirah NewsPaper Thursday  31/01/2008 G Issue 12908
الخميس 23 محرم 1429   العدد  12908
ولادة الصبح
محمد ذيب الحميداني- جدة

عندما تأملت في ولادة الصبح من رحم الليل الطويل، وأرى الفجر كيف يبزغ رأيت بياضه وهو يدب في تجاليد الظلام دبيب المشيب في تجاليد الشباب.. حينها بدأ الصبح يتجلى بكل بهائه مبشراً بطلوع الشمس، فأشرق الكون بطلعتها وأرسلت خيوطها الذهبية إلى أرض الحياة فبعثت الروح في جنباتها وبثت في أركانها النشاط والحيوية.. فأطلقت سراح بصري فامتدت الأرض أمامي تدعوني للسفر.. أرض منبسطة تحبل بالقصب والأعشاب، وبعضها يطولها البناء. كانت أسراب من الأطيار منهمكة في التحليق، أما الريح فقد كانت منهمكة هي الأخرى في حديث ودود مع الأغصان لعلها تحادثها عما حملته معها من أسرار الصباح.. حينها أحسست أنه بالإمكان أن يولد فينا الأمل في كل يوم وأن تستيقظ العقول من غفوة الخمول.. وأن نبتسم في وجه الأزمات ونردد الألحان على جراحات الأيام بكل عذوبة تفوق عذوبتها تغريد الطيور على الأغصان.. إن الصبح إذا تنفس تدب الحياة في سكون الأرض كأنه يقدم البشرى للحيارى التائهين في دروب التيه، اللاهثين خلف المجهول الذين طوق الظلام أسوار حياتهم، الغارقين في بحور اليأس كأنهم بقايا زورق حطمته رياح الأمواج العاتية؛ فهي تقذف بهم في كل الاتجاهات وهم ينتظرون الهلاك في أي لحظة.. ألا ينظر هؤلاء كيف تشرق الشمس وهي تطل على الوجود بثغرها الباسم تقول للناس إن الحياة ما زالت مستمرة والأيام حبلى بالمفأجآت والمتغيرات وإن دوام الحال من المحال وإن الليل يعقبه النهار وإن بعد العسر يسرا.. والحزن مهما استعمر قلب الإنسان فلابد أن يأتي يوم وتطرده جيوش الإيمان بالله من التفاؤل وحسن الظن بالله؛ فلن يطول الليل مهما طال لأن الفجر قادم كجواد أبيض يمتطيه الأمل متوحشا بسيف العزة والثقة بالنفس؟! فاحرص على تجديد حياتك ولا تتقوقع في دهاليز الماضي والاستسلام للأزمات، ولا تتضجر مما يصيبك ويؤذيك وارضَ بما كتب الله لك واصبر وانتظر الفرج؛ أليس الصبح بقريب!




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد