الصورة تهيمن على وسائل الاتصال في العالم وتطغى على صناعة الحدث بشكل تحوّل به الخبر إلى مجرد لقطات ومشاهد حية وطازجة تنقل المتابع إلى نبض الحدث، الصورة هي المحرك الرئيس الذي يقود ويوجه الرأي العام العالمي، وهي التي تسهم بشكل وافر في تكوين الرؤى والأفكار والتصورات عن الأحداث العالمية.
ومن خلال جميع ما سبق نجد أنه آن الأوان أن تنحى المملكة بهذا الاتجاه بشكل جاد متأبطة ميزانية وارفة ترصد لصناعة فيلم عالمي يقدمها للعالم، بهدف السيطرة على هذه اللعبة العالمية التي بات العالم من خلالها ينحصر بين أزرار (ريموت كونترول).
طبيعة المرحلة الآن تحديداً، باتت تحتم وجود فيلم سينمائي يمتلك حرفة وصناعة متقدمة، ويبرز المعجزة التي بزغ منها هذا المكان من بين الرمل والفناء.
فيلم الرسالة الذي أخرجه المخرج العالمي العقاد، ما زال يتداول إلى اليوم، وما زال يعرض في الكثير من أنحاء العالم الإسلامي لكونه استطاع أن يتجاوز جميع الثغرات والمعوقات التي تترصد بصناعة الصورة في العالم العربي.
لا بد أن يكون هناك فيلم بمواصفات عالمية يستطيع أن يلتقط بريق تلك الروح السرية الوامضة خلف تكوين هذه المملكة، تفاصيل عن حياة المؤسس الملك عبدالعزيز، مع طبيعة صراعات المنطقة تلك الفترة، وصولاً إلى مرحلة اكتشاف النفط الذي رافق تأسيس الدولة والتحديات والمواجهة المستمرة في مراحل الانتقال من إرث البداوة إلى تفاصيل الدولة الحديثة، جميع هذا يحتشد بالتفاصيل الإنسانية والصراع الوجودي بين إنسان هذا المكان ومحيطه ويُشكِّل مادة ثرية لفيلم عالمي بمواصفات متقدمة.
هذا العمل أن قُدم بشكل تقني متطور يعي طبيعة الصراع الذي خاضه إنسان هذا المكان سيغطي جزءاً كبيراً من الفوهات السوداء والمنابر العالمية التي يعوي بها الكثير من الأشباح والساحرات، والتي تتبدى على شكل حملات تحتدم بين الفينة والأخرى.
في النهاية أعتقد أن أهم أمر يجب أن تتم به مقاربة هذا المشروع، والبدء به هو البعد والنجاة عن مغامرات مخرجي دول العالم الثالث الذين يملؤون فضائيتنا كل يوم، بالكثير من الأعمال النصف أو الربع أو حتى الـ(10%)، ونؤجل مثاليات الصناعة القومية أو المحلية لأمور أخرى كمصنع للعصير أو الألبان.
فلا بد أن يُسلّم هذا الفيلم إلى شركات إنتاج عالمية عريقة ذات خبرة كبيرة في هذا المجال، ومخرجين عالميين يستطيعون أن يحوِّلوا الأحداث والشخصيات والسياق بشكل عام إلى لقطات تاريخية أخَّاذة تخلد في أذهان المتلقين لسنوات طويلة.
إن عملاً واحداً متقناً وأخّاذاً ويمتلك الحرفية المهنية ومنطلقاً من ميزانية رطبة، بالتأكيد سيمثل فاصلة تاريخية عملاقة في ما يتعلق بواجهتنا الإعلامية، وسيحقق بشكل تلقائي ما نحاول أن نسعى إليه عبر الكثير من المحاولات الإعلامية المؤقتة المحدودة الأثر على الغالب.
آن الأوان أن تمتطي المملكة بساط الصورة السحري، وتنحت ملامحها عميقة راسخة في المشهد العالمي.
omaima khamis@yahoo.com