أنا ما اقتربتُ لكي أظلَّ بعيدا |
ولكي أعيش - وإنْ دَنَوْتُ - وحيدا |
أنا ما اقتربتُ إليكِ إلا عاشقاً |
يأبى الحياة تنكُّراً وجحودا |
يأبى الحياةَ تنافراً وتدابراً |
وتقاطعاً ما بيننا وصدودا |
لمَّا رأيتكِ، والظلامُ مخيِّمٌ |
أبصرتُ فجراً من سناكِ جديدا |
ورأيتُ وجهاً، كلَّما أبصرتُه |
أدركتُ من لغةِ الجمالِ مزيدا |
يا غُصْنَ أجملِ دوحةٍ في مهجتي |
يا روضةً هشَّتْ إليَّ ورودا |
يا واحةً كشف الصباحُ جمالها |
حتى استثار البلبل الغرِّيدا |
يا ثغر ألحان القصيدة لم يزلْ |
يفترُّ مبسمه الجميلُ نشيدا |
ما أنتِ إلاَّ قصةُ الحبِّ التي |
قامت عليها الذكرياتُ شهودا |
مرْحى لذكراكِ الجميلةِ لم تزلْ |
تُهدي إليَّ تحمُّلاً وصُمودا |
أنا يا حبيبةُ ما تزال مراكبي |
تطوي البحار ولا تخافُ البيدا |
أشْرَقْتُ أهوالَ الطريقِ بريقها |
صبراً، وأتْعبْتُ الجبال صعودا |
وغَرَسْتُ في دربي خُطاي فأثْمرتْ |
شجراً يُظلل تائهاً وشريدا |
وفتحتُ نافذةَ الرجاءِ فأبصرتْ |
عيناي قصراً للصَّفاءِ مشيدا |
لله درُّ الصبر يمنح أهله |
عقلاً ورأياً في الحياة سديدا |
بُشراكِ بي، يا من تجاوزتِ المدى |
في خاطري حتى سكنْتِ وريدا |
ما دام في قلبي ضياءُ شريعتي |
فلسوف أبقى حامداً محمودا |
تتصارع الدنيا على أوهامها |
وأنا أُناجي الخالقَ المعبودا |
|