أعداد – فوزية الصويان
لم تعد رؤية (بسطات نسائية) تفترش الأرصفة والطرقات أمام المارة في مدينة حضارية كمدينة الرياض شيئاً غريباً أو ملفتاً للنظر..!!
حيث أصبحت معظم الأسواق الشعبية وبعض المراكز التجارية والمنتزهات والحدائق العامة مكاناً مناسباً لعرض وتجمع هذه البسطات التي تحمل (سلع وضيعة ولكن بمكاسب وغايات كبيرة) تندرج ما بين الحاجة الماسة للمال وبين البحث عن الاستثمار والدخل الإضافي، حيث إن هذه البسطات لا تقتصر في عرضها على (بائعات سعوديات) بل هناك تنافس من (الآسيويات والإفريقيات) اللاتي كن فيما مضى يقتصر مجالهن على (البقشه) والتجول في بعض الأحياء لعرض السلع الرخيصة على المنازل، أما الآن قل ما يكون هناك تجوال بعد أن عرفت البسطة وأصبحت مكاناً مألوفاً ومريحاً ومضموناً لإقبال الزبائن عليها.
مهن أخرى تمارس من خلال البسطة
الملفت للنظر إن الأمر لا يقتصر على عرض البضائع والسلع في هذه البسطات بل إن بعض البائعات أصبحن تمتهن من خلال بسطتها مهنة التطبيب وبيع الأدوية والأعشاب والوصفات التي تدعي أنها علاج لبعض الأمراض النسائية، وذلك طمعاً في زيادة الدخل.
والغريب إن هذه البسطات لا تكترث بما تتعرض له من مشاكل وإنذارات من قبل البلدية التي تشن حملاتها من وقت لآخر عليها فهي لا تخضع لأنظمة التأمين والمخاطر المهنية والرقابة بقدر ما أنها تشكل إزعاجاً كبيراً للمارة خصوصاً عند المراكز الصحية.
وبجولة (الجزيرة) داخل هذه الأسواق الشعبية التي تكثر بها هذه النوعية من البسطات النسائية وعلى الرغم من كثرة المتسوقين في هذه الأسواق وأمام هذه البسطات التي يكون زبائنها في الغالب من العنصر النسائي إلا أن بمجرد إقبالنا عليهن بدأت البائعات بعرض بضائعهن وتعدادها والإلحاح على الشراء من السلع المعروضة أمامنا والمتمثلة في الملابس والأقمشة النسائية وإكسسوارات وحلي وعطور ومستلزمات نسائية أخرى. ولكن بمجرد أن كشفنا عن هويتنا ورغبتنا بمعرفة أسباب اتخاذهن لهذه البسطات الوضيعة في هذه الأماكن المكشوفة رفضت الكثيرات التجاوب معنا وإدارة ظهورهن لنا وقالت أحداهن بخيبة أمل: (ذهبت البلدية وأتت مهنة المتاعب) وعند محاولتنا لإقناع البعض منهن وإفهامهن أن غرضنا هو إظهار ما يعانينه يومياً من البيع في هذه الأماكن المكشوفة رحبت بنا قله قليله منهن وتجاوبت من أجل البوح لنا بما تكابده من مشاق في هذه الأماكن المحفوف بالإرهاق والمخاطر معللات سبب اتخاذهن لهذه البسطات هو العوز وقله الدخل.
حاجة الإنفاق على الأسرة
حيث بينت أم ظافر (39عاماً) أنها تعيل بما يدره عليها ذاك النشاط المتعب عائلة مكونة من أبنائها الخمسة وزوجها العاجز إلى جانب أخيها الذي يسكن معهم في المنزل لإكمال دراسته مما يضطرها للعمل لتوفير مصروف هذه العائلة واحتياجات أخيها ومتطلباته الدراسية. وأضافت بأن معظم صاحبات هذه البسطات هن من الأميات الفقيرات غير القادرات على تحمل نفقات أي نوع من أنواع التجارة سوى بيع المواد الاستهلاكية البسيطة في الأسواق من ملابس وعطور وكماليات بسيطة.
دخل شهري لا يقل عن 3 آلاف ريال
في حين كشفت لنا أم هند (34عاماً) صاحبة لإحدى البسطات في السوق بأن اتخاذها لهذه البسطة لم يكن بسبب الحاجة والبحث عن المال بقدر ما هو إلا نوع من الاستثمار وطلب الربح حيث إنها تجد إقبالاً متواضعاً من الزبائن مما يوفر لها دخلاً شهرياً من خلال هذه البسطة لا يقل عن 3000 ريال وهذا بحد قولها مبلغ لا يستهان به في هذا الزمن، إضافة إلى أنه مكان مناسب للقاء زميلاتها البائعات.
منافسة العاملات الهاربات
فيما تذمرت أم نائل (47عاماً) من إيجارات البسطات المعزولة التي وفرتها البلدية لهؤلاء النسوة البائعات حيث أنها تؤجر بمبلغ 3000 ريال سنوياً وهذا مبلغ ليس بمقدورها توفيره مع كثرة مصاريف الأبناء وارتفاع إيجارات الشقق مما يجعلها تتخذ هذا المكان المكشوف لوضع بسطتها وعرض ما تحمله من بضائع.
وأشارت أم نائل إلى أن المواطنات البائعات في مجال البسطات يواجهن منافسة شديدة وكبيرة من قبل الآسيويات والإفريقيات الهاربات من كفلائهن لافته إلى إنهن يموهن بارتدائهن العباءة السعودية حتى لا ينكشف أمرهن.
عدم انصياع لتهديدات البلدية
من المفارقات التي وقفنا عليها ونحن نحاول رصد آراء بعض النسوة اللواتي اتخذن لهن بسطة ومكاناً لعرض بضائعهن أن غالبية البائعات لا تكترث بإنذارات البلدية الموجهة لمثل هذه البسطات.
كما أن أغلب البائعات اتخذت لها بدل البسطة اثنتين وثلاث وذلك من أجل الاستحواذ على أكبر مساحة ممكنة لعرض بضائعها منافسه للبائعات الأخريات من الجنسيات الأخرى. وبمحاولتنا سؤال إحدى البائعات الآسيويات والتي بدأت وكأنها سيدة سعودية بارتدائها العباءة عن دخلها اليومي من هذه البسطة فكان ردها بأنه مبلغ قليل (على حد اعتقادها) لا يتجاوز الـ250ريالاً.؟!!
ولاحظنا خلال الجولة داخل محلات البسطات أن العديد من البائعات يبالغن ويدعين بأن السلع التي يعرضنها ماركتها أصلية.
إزعاج للمارة والمتسوقين
وفي هذا الصدد أشار المهندس رياض العبدالكريم (رئيس بلدية فرع النسيم) بأن البسطات النسائية التي تتواجد في الأسواق الشعبية دائما ما تكون إزعاج للمارة والمتسوقين ولأصحاب المحال أيضاً. وعلى الرغم من هذا الإزعاج الذي تسببه البائعات في هذه البسطات إلا أنهن دائماً ما يلاقين تعاطفاً كبيراً من قبل المواطنين الذين ينظرون لهن بعين الشفقة والرحمة لحالهن ولحال بسطتهن الوضيعة إلى جانب وقوف المتسوقين إلى جانبهن ومعارضتهم للبلدية من اتخاذ الإجراءات اللازمة ضد هذه البسطات، مما يجعل البلدية تقع في حيرة بين مشكلة الواجهة الحضارية ودورها في إزالة كل ما هو يعمل على تشويه معالم المدينة وبين بيع النسوة في أماكن غير نظيفة وغير مهيأة لهن ولخصوصيتهن كنساء.
وأوضح المهندس رياض بأن البلدية عملت على وضع وتهيئة أماكن مخصصة ومناسبة كبسطات نسائية تناسب المرأة وتحفظ خصوصيتها وتؤجر بأسعار رمزية لا تتجاوز الـ3000 ريال سنوياً، إضافة إلى أن هذه الأماكن المعزولة تتوفر بها حماية خاصة للمرأة كي تتمكن من ممارسة عملها بحرية وبعيداً عن أيدي العابثين وضعاف النفوس. ولكن رغم هذه المميزات التي تتوفر في هذه الأماكن إلا أن البلدية تعاني من ادعاء الكثير من النسوة من عدم مقدرتهن على دفع إيجار البسطة السنوي مما يجعلهن لا يكترثن بإنذارات البلدية ويضعن بسطاتهن في الأماكن المكشوفة.
وبين المهندس العبدالكريم أن الأمر يتطلب تعاون مع البلدية من قبل عدة جهات متمثلة بالشرطة والإمارة والهيئة حتى يساهم هذا التعاون على الحد من تزايد هذه البسطات التي تشوه منظر المدينة.