ذات آذار مثقل بأنفاس الربيع، كان هناك بنفسجة بيضاء حزينة - ملَّت قيد التراب بعد أن لفظتها عناصر التراب أغنية حب تراقص شغاف الأثير - حانية كأسها، تجوب بعينيها أرجاء المكان، حتى ارتطم بصرها بأسوار الحديقة، فشخصت نحو السماء مناجية سريرة الخفاء: امنحيني جسد حمامة يلبس روحي السامية إلى العلاء، دعيني استنشق سكينة الفراغ.
حلّقت الحمامة البيضاء عالياً إلى عمق السماء تاركة جذورها تنحدر متشعبة في باطن الأرض. على غصن المجرة حطّت قريرة الرغبة، متخمة الحنين. عندما زحفت الشمس إلى غروبها، طافت بلحظها أديم الفراغ مباهية في تيه وكبرياء حتى تبدت لها خيوط الشفق تحيط حلمها الأزلي، ترسم بحمرتها محيط الفضاء المنمق.
ذرفت تلك الدمعة التي لطالما ارتعشت بين أجفانها الملتهبة، رفعت برأسها شاخصة إلى علاء العلاء.. فقالت، وقد كفّن الصمت لسانها: حزين من يسكن الظُلمة وتسكنه الشمس، حزين من يمتطي حلماً.. حزين.
عامر ملكاوي