Al Jazirah NewsPaper Thursday  31/01/2008 G Issue 12908
الخميس 23 محرم 1429   العدد  12908
حديث المحبة
التحليق إلى البيت العتيق
إبراهيم بن سعد الماجد

كنت ممن منّ الله عليهم بأداء حج هذا العام. هذا الحج الذي فاق كل وصف لواصف وتشبيه لمشبه، برزت فيه جهود المجتهدين من رجال العلم والأمن، فكان حجاً متميزا (قلت إنه فأل حسن لأمير مكة الجديد خالد الفيصل). فقد كان لانسيابية الحركة المرورية والبشرية في كافة المشاعر دور هام في سلامة الحجاج وأدائهم مناسكهم بكل يسر وسهولة، وكان للفتاوى الميسرة على المسلمين أيضا دور في تخفيف الكثير من الاختناقات البشرية، وهذا يؤكد أن هذا الدين.. دين اليسر وإن على علماء الأمة مسؤولية كبيرة في البحث عن كل ما يمكن أن ييسر على الحجاج حجهم ويجنبهم الكوارث والمصائب ما دام هناك مجال للاجتهاد.

بعد عودتي من هذه الرحلة المباركة تذكرت عودة حاج من المغرب قبل نحو خمسين سنة من الآن، ذلكم هو رجل الدولة المعروف عبدالهادي التازي، فقد قرأت له كتابا من إصدارات دارة الملك عبدالعزيز هو من أمتع ما قرأت في الرحلات عنونه ب(التحليق إلى البيت العتيق)، رحلة حجه هذه كانت عام 1378ه.

يقول المؤلف عن عادات المغاربة في الحج منذ القدم: (لقد عرف المغرب منذ القدم وفدا رسميا يمثل الدولة في موسم الحج ولعل أقدم ما بلغنا من صدى عن هذا الركب يرجع إلى أوساط العهد الموحدي، ويشير إلى تعدد الركاب المغربية، فمنها الركب الصالحي من أسفي والركب الفاسي منذ أوائل دولة بني مرين والركب السجلماسي والمراكشي ثم الشنقيطي، وعن تكوين هذا الركب يذكر المؤلف أنه يتكون من هيئة عليا فيها سراة البلاد ويضم عددا من رجال الفضل، ولهذا الركب اهتمام خاص من لدن ملك المغرب شخصيا، وينال من مقامه السامي عناية خاصة نظرا لعظم القصد وهو بيت الله الحرام، لست هنا في مقام المستعرض لهذا الكتاب الجميل، وإنما قصدت الإشارة إلى أهمية أدب الرحلات، هذا الأدب الذي بدأ اضمحلاله رغم عظيم أهميته الأدبية والتاريخية والجغرافية.

وإنني أرجع هذا التراجع إلى يسر رحلاتنا هذه الأيام وسرعة تنقلاتنا بفضل هذه المواصلات السريعة وأيضا لعدم اهتمامنا في نقل مشاهداتنا للآخرين لاعتقادنا أن الجميع يعرف ما عرفنا وزار ما زرنا. وهذا في نظري خطأ جسيم، فإن مسألة أدب الرحلات هي في الحقيقة ليست مذكرات شخصية بقدر ما هي تسجيل لواقع معاش في زمن ومكان معين، وهذا الواقع يتغير بين وقت وآخر، ومن هنا تأتي أهميته، كنت ومن غير قصد أرصد لمشاهد لا يمكن أن تتكرر في غير هذا المؤتمر الإسلامي الكبير المتميز بهذه الأطياف المختلفة.. مختلفة في كل شيء؛ لغة وعادات وسحنات، لكن يجمعهم شيء واحد وهو توحيد الله.. كنت أنظر إلى هؤلاء الإخوة الذين لا يشغلهم شاغل عن ذكر الله ومتابعة أداء شعائرهم ولو كنت أرصد من أجل أن أكتب لظفرت بصفحات وصفحات لا شك أنها ستسهم في تسجيل جميل مؤثر مفيد لمن يتطلع إلى البيت العتيق.



Almajd858@hotmail.com
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5968 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد