(لكل قاعدة شواذ) تذكرت هذه القاعدة وأنا أطوف ببيت لأحد الأصدقاء على وشك أن ينتقل إليه، هو وعائلته الكريمة، ولم أصدق عيني لأول وهلة وأنا أتنقل بين أرجائه، وكأني أبحث عن شيء هو في نظري حجر الزاوية لكل بيت، لكن محاولاتي في البحث لم تفلح رغم شدة التدقيق ومراجعة البصر كرات متعددة لكن ويا للعجب فقد انقلب إليّ بصري مؤكداً خلو هذا البيت من رئته التي يتنفس بها وركنه الركين الذي لا أتصور أن يقوم بيت بدونه ولهول المفاجأة فلم أصدق ما رأته عيناي، ولهذا التفت إلى صديقي قائلاً: أحقاً لا يوجد هنا مطبخ؟

فذهب بي إلى زاوية صغيرة جداً لا تقوى إلا على إصلاح جزء يسير من المشروبات الساخنة فقال هذا كل ما نحتاجه، أما الطبخ والنفخ فلا حاجة لنا به، فأنا وزوجتي مشغولان والمطاعم كثيرة ومتنوعة فتجد الأكل اللبناني والمغربي والصيني والهندي والإيطالي والمكسيكي وحتى السعودي والمصري والأمريكي وغيره، فأي حاجة بعد لمطبخ باتت مسؤوليته بيد خادمة بعد خادمة، أما سيدة البيت فانشغلت عنه؛ إما بالعمل أو التسوق أو زيارة الجيران أو المهاتفة أو التردد على نوادي تخفيف الوزن.

فقاطعت صديقي الذي كان متحمساً ومستعداً بأن يقول الكثير والكثير من المبررات التي دعته إلى أن يفعل ما فعل فقلت له: مهما قلت وما ستقول فأنا كما لا أتصور جسداً بلا روح أيضاً فلا أتصور بيتاً بلا مطبخ ولكنك بفعلك هذا قد حطمت قاعدة مطرودة، وكأنه قد شق عليك إلا أنه تستقيم المقولة الشهيرة (لكل قاعدة شواذ) وأنت فيما أعلم أول من شذ عن هذه القاعدة.