في فترة مضت كانت الأسر في عالمنا العربي كما الجسد الواحد في التآلف والاتحاد وحماية المصالح العامة والخاصة للأفراد، فيبحث من يسر الله عليه وبسط له بالمال عن المحتاجين بغية مواساتهم وتحسين وضعهم ليكون هذا العمل شكراً منه لمقدر تلك الأرزاق سبحانه وتعالى، ونجد تسابقا منهم لمد يدٍ لكل محتاج ومعسر، وبينما نحن نتجول في ربوع ذاك الزمان إذ ينغص صفو تجولنا مناظر نعيشها في زماننا تجسد لنا نوعاً من أنواع الاستغلال والاستخفاف بعقول الناس، عبر برامج مسموعة أو مشاهدة، علماً بأن معظم من يقف خلف تلك البرامج هم من أرباب الملايين، فمن المحزن أن نجد أعينهم لا تكاد تصرف بصرها عما في حوزة أناس من ذوي الدخل المحدود، وإن كنا لا نجرد هؤلاء الناس من اللائمة إلا أن هذه البرامج قد خضعت لدراسة من خبراء تسويق ومفكرين متخصصين في المجال الإعلامي، فنجد تلك البرامج تستثير الأفراد سواء كانت هذه الاستثارة عاطفية أو قبلية أم كانت دينية أو دنيوية، فمع الأسف غالبا ما تنطلي عليهم مثل هذه الحيل فنجد ذلك الفرد يقف حائراً في منتصف الشهر إن لم يكن في ثلثه الأول فينتظر اليوم 25 من الشهر المقبل كما ينتظر غريقا قشة لتنجيه من الغرق, إن كان منطلق القائمين على هذه البرامج هو (القانون لا يحمي المغفلين) فهذا مرفوض في ديننا الحنيف فنحن نتكلم من منطلق حب الخير للغير، وجاء ذلك على لسان رسولنا الكريم فأمرنا بأن نحب لغيرنا كما نحب لأنفسنا، ونحن نعيش في زمن تسارعت خُطاه وازدادت متطلباته وما كان بالأمس يلبي احتياجات الأسر الأساسية أصبح اليوم لا يكاد يسد رمقهم.