بعض ما يعترضك من الأقوال والأفعال يلهمك كثيراً من الأفكار...
الجاحظ قال ذات تعبير: (المعاني ملقاة على الرصيف ...)
لكن من يلتقط المعنى ويجليه من الغبار أو يبرزه للنور..؟ ومن ثم من تستنطقه المواقف وتتلبسه أفكار تولدها الكلمات والأفعال...؟
ربما هم من ابتلوا بحرفة التعبيرمن الكتَّاب أولئك الذين هم صانعو الكلام الجميل... الكلام المعبِّر ذو المدلول..
المرونق بالفكرة والإلماحة والمقصد.
ولأن مصادر الكلام حين يكون لغة تعبِّرعما في داخل ناطقها أو مدوِّنِها، وتصله بمن هو غيره وخارجاً عنه، فإن كلَّ فكرة واردة أو صادرة محصورة في الأصل بين علامتين...تحدها من البدء وتقيدها عند المنتهى.
فمن اخترع علامات الترقيم وجعل فيها علامتي التنصيص أو قوسي الحصر إنما كان على درجة من الذكاء كبيرة... فلا مصدر أحاديا يُنسب لإنسان، ولا إنسان مفرداً هو مورد كلِّ فعل صوتي أو حركي وعليه لا تُنسب المعاني ولا تصب الدلالات في بوتقة إنسان بذاته... إلا ما كان منه من إضافات إليها أو تناول مبتكر لها... كالحرفي أو الترزي حين يبدعان من الخامات، وإن كانت حديداً أو حجارة أو نسيجاً ما يجعلها في شكل جديد مبتكر يختبئ في تفاصيله الأصل... فيما هو في الأساس منصصا محصوراً بمبتدئه ومنتهاه.
شاهدي على ما أقول ما قرأته في الجزيرة عدد الأمس الاثنين في الخبرالتالي: (يساعد استخدام علامات التنصيص في الوصول إلى نتائج أفضل عند القيام بعمليات بحث على الإنترنت. ويتعين على المستخدم وضع العبارة التي يبحث عنها على الإنترنت بين علامتي تنصيص، وبذلك سيضطر محرك البحث إلى عرض المواقع التي تظهر فيها هذه العبارة بدقة. أما في حالة كتابة نفس العبارة بدون علامات تنصيص فإن محرك البحث سيعرض مواقع تظهر فيها كلمات العبارة لكن بدون الالتزام بترتيبها؛ لذلك تعتبر علامات التنصيص من أسهل الوسائل لتضييق نطاق البحث.)
...أوليس كلُّ علامتي حصر هما الدلالة الناطقة بمصدرية مبتدأ ومن ثم مرجعية منتهى لتعود كل الأشياء لذاتها الخاصة..؟
هذه قراءة خاصة جداً لما اعترضني من كلام في هذا الخبر.