Al Jazirah NewsPaper Tuesday  29/01/2008 G Issue 12906
الثلاثاء 21 محرم 1429   العدد  12906

دفق قلم
تائب يجوب الشوارع بحثاً عن عمل
عبد الرحمن بن صالح العشماوي

 

استوقفني هذا العنوان في الصفحة الخامسة والعشرين من جريدة اليوم الصادرة يوم الأحد 18-1- 1429هـ، وحينما قرأته وجدته خبراً عن مأساة مواطن من أبناء هذا المجتمع يتيم الأب يعول ثلاثة عشر ولداً تركهم أبوه بعد وفاته، وقد مرَّت بهذا الشاب موجةٌ جرفته إلى خضمِّ الانحراف زمناً، إنها موجة رفقاء السوء الذين يقودون أنفسهم ومَنْ يصاحبهم إلى الهاوية، وكانت النتيجة سجناً تأديبياً لمدة أربع سنوات، أُسقطت عنه مدة قدرها عام ونصف لكونه حفظ أحد عشر جزءاً من القرآن الكريم، خرج هذا الشاب من معاناة السجن القاسية بروح جديدة كما أشار إلى ذلك خبر الجريدة، عائداً إلى وعيه ورشده، عازماً على سلوك طريق الخير الذي كان سائراً عليه قبل انحرافه، ولكنه اصطدم بمشكلات الحياة، وغلاء الأسعار، وعبء العائلة الكبيرة التي يعولها، وهنا بدأت مشكلته مع سكن الأسرة ومعيشتها، ومع البحث عن وظيفة بعد أن فقد وظيفته حينما جرفه رفقاء السوء وأوقعوه في خنادق انحرافهم.

يؤكد هذا الشاب التائب الذي وفد إلى الدمام باحثاً عن عمل، وترك أسرته في الهجرة التي يسكنون فيها قريباً من الدمام أنه يحمل شعوراً عميقاً بالرغبة في القيام بواجبه الأسري، وتعويض أسرته عن كل ما سبَّبه لهم من الألم والمعاناة، وفي الدمام سكن في إحدى الشقق المفروشة وظلَّ أياماً يبحث عن عمل، وحينما عجز عن ذلك أراد الخروج من الشقة فطولب بالإيجار، ولم يكن معه منه شيء، فاتجه إلى سوق (الحراج) وباع حقيبته وملابسه وجوَّاله، وسدَّد إيجار الشقة، وخرج إلى شوارع المدينة يتخذ من زواياها سكناً له، وهناك التقطت عدسة مصور جريدة اليوم صورته جالساً على الرصيف مخبئاً وجهه بين راحتيه، غارقاً في الألم والحزن، وهمِّ النفس والأهل ومطالب الحياة.

صورة واحدة من آلاف الصور في مجتمعنا لمثل هذا الإنسان الذي يغرق في معاناته، تجعلنا نتساءل: أين الجهات المعنيَّة بشأن هؤلاء؟ أليس من اللائق بنا في بلادنا أن تكون هنالك جهات معلن عنها، معروفة العناوين وأرقام الهواتف يمكن أن يتجه إليها هذا الشباب وأمثاله؟ بدلاً من هذه المعاناة الطويلة التي تكسر الخاطر، وربما أدَّت إلى نكسةٍ في السلوك، وربما ساقت إلى شيء من العنف، والسرقة، والاعتداء حينما تكون الأبواب المشروعة مغلقة.

غُرَفٌ تجارية في كل مدينةٍ كبيرة، ورجال أعمال يملكون المليارات، ومؤسسات حكومية ضخمة لم تقصِّر معها الدولة في مخصَّصاتها المالية، وميزانيَّاتها الكبيرة، وجمعيات خيرية منتشرة، ومع ذلك فإن حالة المحتاجين والضعفاء ما تزال مؤسفة مؤلمة.

لماذا لا تكون لدى المساجد الكبيرة برامج خاصة بمساعدة هؤلاء، ولربما كان التفكير في هذا إيجابياً عملياً؛ بحيث يخصَّص لكل مسجد مبلغ من المال ولجنة خاصة بالمتابعة، حتى يقوم بدوره في رعاية مثل هذا الشاب إلى أن يجد عملاً يحفظ كرامته ويصون ماء وجهه، إن الوسائل كثيرة وإنما نحتاج إلى المبادرة إلى العمل.

إشارة

أمشي ويَتْبَعني ظلي ولا أحد

يحسَّ بي وبأحزاني وآلامي

www.awfaz.com

لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5886 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد