كتب فيلسوف (لا تتنازل في المقدمات فتتفاجأ بالنتائج!!)
أخبرني أحد الأصدقاء أن تكتلاً لمطاعم أحد أحياء الرياض قد عقد اجتماعاً سرياً قرر على إثره زيادة الأسعار بسبب ضغوط التضخم وارتفاع التكاليف...
العجيب أن ذلك الاجتماع كان سرياً، والأعجب أن الصديق لم يخبرني عن سبب سريته، هل هي بسبب أنه استثمار متستر عليه؟ أم بسبب الخوف من الإقدام على خطوات منفردة لرفع الأسعار؟!!
المتابع لموضوع التضخم اليوم يدرك أن الصوت الأعلى لنصائح وحلول مكافحة التضخم يقتصر في الرقابة على الأسعار، ورغم أن الرقابة على الأسعار تمثل أولوية هامة في متابعة الأسواق في ظل التضخم أو عدمه خصوصاً تلك التي تفتقد إلى المواصفات والمقاييس الواضحة والسياسات التسعيرية الانتهازية التي تعج بها أسواقنا لشركات ومستثمرين يؤمنون بتعظيم الأرباح بأي وسيلة، إلا أن اختزال أزمة التضخم في التلاعب بالأسعار لا يساعد أبداً على فهم الظاهرة التضخمية التي يجزم الاقتصاديون أن تحديد أسبابها يستلزم قراءة دقيقة وفرزاً تفصيلياً وأشعة فوق المغناطيسية للجسم الاقتصادي الكلي، إلا أنه ورغم الشعبية الهائلة التي يحظى بها حل مراقبة الأسعار بصرامة إلا أنه سرعان ما يفقد بريقه عند اكتشاف الواقع وإدراك الحقائق الاقتصادية الأخرى..
لا أعرف إن كنت أفاجئ القارئ حين أؤكد له أن الدراسات التي تناولت دور الرقابة على الأسعار في مكافحة التضخم في بعض الدول أثبتت فشلها ولم يحالفها النجاح، وأن الحلول الناجعة تكمن في دراسة الأسباب الحقيقية له وتحديد الوصفة الاقتصادية المناسبة. وحتى يحين تشخيص الداء بشكل دقيق أعتقد أن الحلول الاجتماعية التي انتهجتها المملكة مؤخراً للتخفيف من آثاره على ذوي الدخل المحدود تؤكد حكمة التعاطي مع واقع وأعباء الفئات التي تعاني آثاره.. ويظل السؤال الذي ينتظر الجميع إجابته: ماذا في جعبة الجهات المعنية من دراسات تفصيلية حول أسباب التضخم المحلي؟ وما الاقتراحات المطروحة؟ وما أفضل الحلول وأقلها تكلفة على الاقتصاد؟ لأن تكلفة العلاج لابد أن تكون مقبولة من جميع الوجوه!
eco-manager@al-jazirah.com