قلنا إن اجتياح الجماهير الفلسطينية للحدود مع مصر حالة استثنائية فرضتها الظروف الحرجة التي فرضتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي على أهلنا في قطاع غزة، ولهذا فقد تعاملت السلطات المصرية بمستوى عالٍ في ضبط النفس حالت دون حدوث ردود أفعال سلبية وجنبت المنطقة مضاعفات هي في غنى عنها.
ولكن حالة فتح الحدود الدولية، وترك المنطقة دون ضوابط لا يمكن أن تستمر طويلاً؛ لأن ذلك ليس في مصلحة الفلسطينيين والمصريين معاً، لأن تنقل قرابة الربع مليون إنسان فلسطيني ومعهم آلاف المصريين بين دولتين لابد وأن يحمل أخطاراً أمنية على المستوى الأمن القومي، وما يصنف تحت مخاطر (أمن الدولة) وأخطاراً أمنية جنائية وغيرها من الأخطار التي توجدها كتل بشرية تتعدى مئات الآلاف، إذ لابد وأن تحدث احتكاكات بل وحتى جرائم صغيرة مثل السرقات أو جرائم كبرى، مما سيوجد تنافراً وبغضاً بين المصريين والفلسطينيين، وتتحول المؤازرة والتعاطف اللذان لا يزال يبديهما المصريون نحو الفلسطينيين إلى كره.
إذن والحالة كهذه بما تحمله من مخاطر كبيرة فإنه لابد وأن يتحرك الحكماء من ساسة وقادة فصائل فلسطينية إلى معالجة الوضع حتى لا يتحول الأمر إلى الأسوأ، ولهذا فإنه من المصلحة العربية العليا ومن مصلحة مصر وفلسطين على وجه الخصوص أن تعالج مشكلة المعابر الفلسطينية مع مصر، وفق تفاهم بين مصر والسلطة الفلسطينية وحماس، وأن ينتهزوا الاجتماع المرتقب بينهم والمقرر عقده في القاهرة، وإعطاء المسألة أهمية قصوى تتيح إبقاء معبر رفح على وجه الخصوص مفتوحاً لمرور البضائع (الآمنة) والأشخاص وفق الإجراءات المعتادة التي تقوم بها الدول، دون تعريض أمن هؤلاء الأشخاص وسلامتهم للخطر، ودون تعرض أمن مصر للتهديد.
وهناك مقترحات وسيناريوهات عديدة تكفل حل هذه المسألة بشرط أن يتم توافق وتفاهم بين السلطة الفلسطينية وحركة حماس اللتين يجب أن يتساميا على جراحهما ويتجاوزا خلافاتهما خدمة لمصالح شعبهما وبالذات أهل غزة الذين عاشوا مآس حقيقية بسبب الحصار الظالم المفروض عليهم من سلطات الاحتلال وإقفال المعابر.
jaser@al-jazirah.com.sa