أخفق مجلس الأمن الدولي لليوم الخامس على التوالي في إصدار موقف حول الحصار الظالم الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني في غزة. وما أقدمت عليه الولايات المتحدة الأمريكية من ضغوطات وتهميشات على مشروع البيان في صدد هذا الموضوع يجعلنا نقف من جديد ونتأمل مستقبل الهيئة الأممية بشكل عام وبعيد عن القضية الفلسطينية أو القضايا العربية الأخرى, لنقول إن ما تمارسه بعض الدول الكبرى المهيمنة على هيئة الأمم المتحدة من محسوبيات وتدخلات وتطرف في الارتباط مع بعض الدول والتكافل المصلحي في الدفاع عنها, قد أصبح من أهم مهددات الأمن والسلم الدوليين اللذين أنشئت هذه المنظمة من أجلهما.
فعندما تمارس واشنطن انحيازها المعهود للدولة الإسرائيلية وتحبط كل القرارات الشرعية العادلة تجاهها لتزيد من شحنة الألم واليأس الواقع على الشعب الفلسطيني, وتطلق يد الاحتلال به بعد أن يطمئن أن هناك من يحمي ظهره في نيويورك وينقذه من قرارات الضمير الجمعي للعالم, فإن هذه الإشكالية تضاف إلى المشاكل الدولية المعاصرة التي يعاني منها المجتمع الإنساني وتهدد السلم والأمن العالميين للمجتمع الدولي كافة.
فقضايا التلوث البيئي, وانتشار الإرهاب, ومشاكل شح المياه, انتشار الفقر, وغياب التنمية الإنسانية في بعض الأقطار.. كل هذه المشاكل قد أضيف إليها مشكلة دولية معاصرة تتمثل في انحياز دول الفيتو وصنع القرار إلى اتجاهات ومسارات معينة في ميزان العدالة الخاص ببعض القضايا العالمية، وفي مقدمتها قضية الشعب الفلسطيني وحماية واشنطن لممارسات إسرائيل السادية ضده, التي يخجل الضمير الإنساني من وقوعها، فكيف بمن يدافع عنها ويمارس الضغوط لتبريرها وحماية مقترفيها؟!!
إنَّ المسيطرين على مجلس الأمن الدولي وما يتبعه من مؤسسات الهيئة الدولية يتحملون جزءاً كبيراً من فشلها في التعامل مع الكثير من بؤر التوتر والصراع, ويُنظر إليهم بعين المساءلة قبل المناشدة؛ لمعرفة أسباب الشلل الذي بدأ يتغلغل ويعشش في قلب الهيئة الأممية وبجذب معه معايير الانحياز والمحسوبية حتى تحولت هيئة الأمم المتحدة ومجلسها الأمني إلى ما يشابه العزبة أو الإقطاعية الخاصة بأصحاب القرار الدولي, وأضيف ما يستخلص من قراراتها إلى تراكمية الكبت والقهر التي ساهمت في إنتاج كثير من مقومات وعوامل الصراع والسخونة لدى كثير من المجتمعات.
***
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244
