Al Jazirah NewsPaper Monday  28/01/2008 G Issue 12905
الأثنين 20 محرم 1429   العدد  12905
مشروع الجمعيات والمؤسسات الأهلية الجديد (1)
د. عبدالرحمن الحبيب

أقر مؤخراً مجلس الشورى مشروع نظام الجمعيات والمؤسسات الأهلية المقترح من قبل لجنة خاصة في المجلس، وذلك بعد رفض المجلس للمشروع السابق نتيجة وجود ثغرات كبيرة فيه. وقد تم رفع هذا المشرع إلى مجلس الوزراء للبت فيه. ولأن من أهم أهداف هذا المشروع

كما جاء نصاً في مادته الثانية هو (تمكين المواطن وتعزيز مشاركته في إدارة المجتمع وتطويره)، يغدو من المهم أن يطلع عليه المواطن خاصة المشاركين والمختصين والمهتمين والناشطين في مجال مؤسسات المجتمع المدني.. وفيما يلي إشارات موجزة لأهم مواد المشروع مع التركيز على الجديد منها، لعدم تكرار ما تم تناوله في مقالات سابقة.

يتكون المشروع من 51 مادة تتوزع على سبعة فصول. الفصل الأول كان عبارة عن ثلاث مواد. المادة الأولى للتعريفات؛ والمادة الثانية توضح أهداف النظام، والجديد فيها هو تفعيل ثقافة العمل التطوعي وتحقيق التكافل الاجتماعي، ومادة ثالثة جديدة لتصنيف الجمعيات والمؤسسات إلى جمعيات أهلية، واعتبار الصناديق الأهلية بأنواعها مؤسسات أهلية.

الفصل الثاني وهو من المادة الرابعة إلى التاسعة يحدد إنشاء هيئة وطنية وميزانيتها وطبيعة مهامها وهيكليتها ونظام صندوق دعم الجمعيات. وتعد هذه الهيئة هي السلطة المسؤولة عن شؤون الجمعيات من تسجيل وتقديم إعانات ومتابعة أداء الجمعيات ودعمها. ويتكون مجلس الهيئة، وهو السلطة العليا في الهيئة، من رئيس من أحد أعضاء مجلس الوزراء يسمى بأمر ملكي، ومن خمسة أعضاء يمثلون القطاع الأهلي، يتم تعيينهم بقرار من مجلس الوزراء بناءً على ترشيح من المجلس.

ويلاحظ في هذا الفصل في المادة السادسة حول مهام الهيئة، تجنبه لاستخدام عبارة (مراقبة أداء الجمعيات) مستعيضاً عنها بعبارة (متابعة أداء الجمعيات) باستثناء الرقابة المالية، وذلك مؤشر إيجابي لإعطاء الجمعيات مزيداً من الاستقلالية. كما يلاحظ إقراره الضمني للتنسيق مع جهات خارج المملكة وفقاً لبنود النظام والقواعد اللازمة لذلك، وذلك ينسجم مع ما تشهده الدولة من انفتاح إيجابي في التعامل مع الخارج. كذلك الإشارة للمرة الأولى لمسألة الاتحادات عند تطرقه لدور الهيئة في اعتماد اللوائح.

الفصل الثالث من المادة 10 إلى المادة 29، يتناول الجمعيات الأهلية كالإنشاء والحل واللائحة الأساسية والموارد والاجتماعات والتقارير والاختصاصات والانتخابات.. الخ. وبشكل عام تضفي هذه المواد مزيداً من المرونة على عمل الجمعيات. فقد أجاز المشروع للجمعية أن تنشئ فروعاً لها داخل المملكة مع إحاطة الهيئة بذلك (مادة 11) كما أجاز المشروع تلقي الإعانات الخارجية بشريطة الموافقة المسبقة للهيئة وتحديد ضوابط لذلك (مادة 14).

كذلك سمح المشروع باقتراح اندماج الجمعية في جمعية أخرى (مادة 18)، ولم يشترط حضور مندوب الهيئة لاجتماعات الجمعية العمومية (مادة 20)، ولا حق لمندوب الهيئة في التدخل بانتخاب مجلس الإدارة، مع حق الهيئة في ندب من يحضر عملية الانتخاب للتأكد من سير العملية طبقاً للائحة الأساسية (مادة 21).

ولمزيد من الشفافية أعطى المشروع الحق لأعضاء الجمعية في الاطلاع على سجلات جلسات الجمعية العمومية ومجلس الإدارة وقراراتهما وقرارات المسؤول التنفيذي للجمعية، واشتراط عرض الحساب الختامي - في مقرها أو موقعها الإلكتروني - قبل موعد الجمعية العمومية بأسبوع (مادة 24).

ورغم المرونة التي يخولها مشروع النظام في عمل الجمعيات إلا أن ثمة مواد لا تزال تقيد نسبياً هذه المرونة. إذ يلاحظ في شرط موافقة الهيئة على إنشاء الجمعية في المادة 10 أنه لم يتطرق إلى حالة رفض الهيئة لإنشاء الجمعية، سواء في حق المتقدمين بطلب الإنشاء بالتظلم، أو بشرط أن يكون الرفض مسببا. كما أن المادة 22 تجيز لمجلس الهيئة - بقرار مسبب - تعيين مجلس إدارة مؤقت للجمعية، مع حق مجلس الإدارة السابق في التظلم أمام القضاء، بدلاً من أن يكون حل مجلس الإدارة بقرار قضائي.

أما حل الجمعية فقد عدلت المادة في المشروع السابق، وأعطت مجلس الهيئة الحق فقط في التعليق المؤقت لنشاط الجمعية بعد توفر الأدلة الكافية وبقرار مسبب والادعاء أمام القضاء المختص بحل الجمعية، وذلك حماية للجمعيات وإعطاء القضاء السلطة في ذلك، ولكن لم يوضح هذا التعليق بفترة زمنية محددة (مادة 27) وأعطي الحق للهيئة والجمعية في الاستئناف أمام القضاء (مادة 28).

الفصل الرابع (من المادة 30 إلى 33) تناول منح صفة النفع العام للجمعية، والجديد هنا أنه أجاز لأي جهة حكومية التعاقد مع إحدى الجمعيات لإدارة مؤسسة تابعة له أو تنفيذ بعض مشروعاتها، وهذا سيعمل على دعم مشاركة مؤسسات المجتمع المدني في التنمية الوطنية. الفصل الخامس (من المادة 34 إلى 43) كان عن المؤسسات الأهلية، حيث أجاز أن تتكون موارد المؤسسة ما يخصصه المؤسسة أو المؤسسون من أموال، والجديد هنا أنه أضيف لها الأوقاف والوصايا والتبرعات الداخلية، مما سيعطي الصناديق العائلية مشروعية عملها كمؤسسات أهلية.

الفصل السادس برمته جديد صياغة ومضمونا، تناول الاتحادات النوعية للجمعيات والمؤسسات بهدف أن يقوم المجتمع المدني بتنظيم نفسه، حيث - وللمرة الأولى - أجاز للجمعيات والمؤسسات أن تنشئ اتحادات نوعية فيما بينها (من مادة 44 إلى مادة 46).

الفصل الأخير (من المادة 47 إلى المادة 51) كان عبارة عن أحكام عامة، وهو أيضاً فصل جديد، لا يندرج تحت عنوان معين كون مواده عامة، مثل تحديد الجمعيات التي يجوز لها جمع التبرعات، وتعديل لوائح الجمعيات بما يتفق مع النظام الجديد.

ومن ذلك نجد أن أهم المستجدات في هذا المشروع هي التمييز بين الجمعيات والمؤسسات الأهلية، وإعطاؤها المزيد من المرونة عبر حقها في فتح فروع وفي إنشاء اتحادات، ومزيد من الاستقلالية في الاجتماعات والانتخابات والقرارات، بحيث تكون للهيئة الوطنية للجمعيات والمؤسسات مهمة المتابعة أكثر من المراقبة، مع منح القطاع الأهلي مشاركة كبيرة في هذه الهيئة.. وبعد هذا الاستعراض بقي قراءة المشروع نقدياً، والتي ستكون في المقالة القادمة بإذنه تعالى..



alhebib@yahoo.com
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 6848 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد