بعد الانتهاء من تحديد ماهية الشركات ذات القيم الجيدة، والطريقة الصحيحة في التعامل معها، جدير أن نوضح الآن أنسب أوقات الشراء لتلك الأسهم، ولن أجعل النقاط الآتية خاصة للمستثمر المهتم بالقيم لمدة زمنية طويلة، بل هي نقاط عامة منها ما يستفيد منه المستثمر الطويل الأجل، ومنها ما يناسب المضارب اليومي أو المستثمر القصير الأجل، وهي نقاط سهلة يمكن استيعابها من الجميع بإذن الله حيث لا علاقة لها بالأمور الفنية المعقدة:
1- عندما يكون السهم يتداول بأسعار أقل من سعره المستحق، وبمكرر ربحي (تشغيلي) متدن جدا، لا يقارن بأداء السهم خلال السنوات الماضية، سواء كان ذلك بسبب نزول عام يشمل السوق أم بسبب ظرف طارئ يختص بالسهم وتسبب في نزوله، الجميع يتذكر سهم شركة سابك عندما كانت تتداول بأسعار قريبا من 92ريال، لقد كانت فرصة رائعة بغض النظر عن السوق وعن مجرياته، ولا شك أن قناصي الفرص لم يفرطوا بالسهم بتلك الأسعار، ولا شك أن من فرط به بذلك السعر ارتكب خطأ فادحا ندم عليه فيما بعد، قس على ذلك سهم ما نراه الآن أو ما قد نراه مستقبلا لأسعار عدد كبير من الشركات القوية من بنوك أو شركات بتروكيمكلز أو اسمنتات أو خدمات قوية أو اتصالات، جميعها تتعرض لضغط كبير وتتجه لأسعار مغرية لن يفوتها قناصو الفرص مستقبلا من غير نظر أو اعتبار لوضع السوق العام، وسوف نراهم في وقت عز الشراء يصرفون صغار المتداولين بالتركيز على الشركات الضعيفة التي تبهر المتداول فترة من الزمن بنشاط قوي، ثم لا تلبث أن تعود لوضعها السابق، وهذا الكلام لا ينطبق على المضارب بقدر ما ينطبق على المستثمر الذي يملك فكرا بعيد المدى ويطمح في تحقيق أرباح حقيقية من امتلاكه للأسهم الجيدة من أسهم السوق.
إذا استطعنا إدراك هذه الحيثية بشكل جيد، فإننا لسنا بحاجة للرجوع للمكاتب الاستشارية الخاصة، أو اللجوء لأصحاب الخبرة والحنكة بالسوق، لاستشارتهم والاستنارة بآرائهم،مع العلم أن النظر لوضع هذه الشركات بعد أن تكون في قمة الإغراء، مقارنة مع وضع السوق العام هو نشاط فكري وذهني غير مجدي للمستثمر الفطن والذي يهتم باقتناص الفرص المتاحة أمامه، من غير النظر إلى فرص أخرى قد تحقق وقد لا تحقق في المستقبل القريب.
هذه قاعدة (السهل المضمون) وهي أهم قواعد التعامل مع سوق المال، وهي ما يسير عليها الصناديق الاستثمارية وكبار المستثمرين والذين لا يولون اهتماما للجوانب الفنية في حال ظهور الجوانب الأساسية للأسهم بشكل مغرٍ. وهي أهم ما يعتمد عليه أشخاص أمثال (وارن بافيت)، ومن أهم دلائل انتهاء التصحيح بعد مرور أسواق المال بموجات تصحيحية عنيفة.
2- عندما يتم الإعلان عن توقعات بقفزة كبيرة في أرباح الشركة لأسباب أو لأخرى، فإنه يكون رائعا للاستثمار القصير إن كانت تلك الأرباح ليست أرباحا تشغيلية، وللمدى الطويل إن كانت أرباحا تشغيلية ظهرت على نتائج الشركة لأسباب مختلفة إما مساءلة المسئولين عن الشركة من قبل المسئولين عن السوق، أو تغير مجالس الإدارة، أو تغير النشاط بشكل جذري، أو ترشيد المصاريف وما أشبه ذلك.
لقد كان سهم الكابلات مثلا وهو يتداول بـ 25 ريالا فرصة كبيرة من فرص السوق بعد إعلان أحد أعضاء مجلس الإدارة باحتمال ظهور نتائج أرباح ربعية قياسية لم تمر في تاريخ الشركة، وفعلا كان أداء السهم إيجابيا للغاية وحقق أرباحا لا تقل عن 100% في زمن يعتبر قياسيا جدا.
3- فنيا، يعتبر شراء السهم فرصة رائعة عندما نرى جميع مؤشراته الهامة أو أغلبها تقع في مناطق منخفضة جدا، ك (MACD - Stochastics - RSI - CCI) .. الخ، عندما تكون هذه المؤشرات الهامة على الفريم اليومي في مناطق منخفضة جدا فلا شك أن شراء السهم يعتبر فرصة رائعة للمستثمر القصير الأجل، بينما لو كانت على الفريم الأسبوعي منخفضة فهو رائع للمستثمر المتوسط الأجل، ويعتبر السهم فرصة للمستثمر الطويل الأجل عندما تكون جميع مؤشراته على الفريم الشهري منخفضة جدا، ولكن يجب مراعاة وضع الشركة المالي وجعله في المقدمة لمن يرغب في الاستثمار الطويل الأجل، فهي المحك الحقيقي وتقدم على جميع المؤشرات الفنية.
4- أيضا عندما يقوم السهم باختراق ترند (صاعدا أو هابطا) ومن ثم يقوم باختبار الترند والارتداد منه مرة أخرى، فالسهم يعتبر في هذه الحالة جيد للشراء، وكلما كانت مدة تكون الترند أطول كلما كان السهم أجدر بالشراء.
5- أيضا عندما يرتد السهم من موجة هابطة ويبدأ الارتداد بإحداث فجوة عليا فإنه يكون جيدا للشراء، فغالبا ما يتبع الفجوة العليا في بداية الصعود صعودا متواصلا للسهم ولو لفترة محددة.
6- عندما يتم تداول السهم لفترة ثلاثة أسابيع (21) يوما بسعر واحد لا يتغير، أوبتذبذب ضيق جدا، فإنه من الأفضل شراء السهم فاحتمال ارتداده وصعوده بشكل جيد أمر وارد خلال أيام بسيطة ومعدودة.
7- أيضا عندما يستقر السهم أعلى من متوسط 200 يوم لفترة تمتد من أسبوعين لثلاثة أسابيع، فإنه بلا شك مجدي جدا للشراء، فغالبا ما يصحب استقرار الأسهم فوق هذا المتوسط الهام عطاء قوي جدا قد يصل لنسبة 100% في كثير من الأحيان.
8- عندما يتعرض السهم لانخفاض كبير في حجم التداول، بصورة تختلف كثيرا عن الأسهم الشبيهة به سواء في الحجم أو في القطاع، ويكون ذلك لأيام متواصلة فإنها إشارة جيدة للدخول في السهم وشرائه، فالسهم عندما يقع في آخر مراحل التجميع الممل.
9- عندما ترى السهم يرتد من قاعه لثلاث مرات متتالية أو شبه متتالية بحيث لا يفصل عنها سوى يوم واحد، فإنها علامة رائعة على الارتداد ومعاودة الصعود من جديد، ولو بحجم لا بأس به من الارتداد.
10- في الموجة الصاعدة يجب أن تبحث دائما عن الأسهم التي تغلق قريبا من أعلى سعر حققته، فإنها ستكون ذات أداء جيد للمضارب اليومي، وسوف يكون عطاؤها بشكل مميز مقارنة ببقية أسهم السوق.
مع وضع بعض الاعتبارات لهذه النقطة فلا يجب أن يكون الإغلاق قريبا من خط مقاومة قوي.
11- تذكر دائما أن من أهم أوقات شراء الأسهم هو عند عزوف الناس عنها، وانتشار الخوف بينهم بسبب أو بدون سبب، فإعراض الناس عن الشراء يجب أن يكون محفزا حقيقيا لك بأن تشتري بقوة وبلا تردد.
12- يجب أن تستفيد من تجاربك السابقة في الشراء، كيف كنت تشتري وما هي النتائج، فإن كانت النتائج إيجابية، فيجب عليك السير بنفس النهج السابق ولا بأس أن تستفيد من هذه النصائح وتدعم بها أسلوبك الرائع والناجح في الشراء، فأنت قد تبتكر طرقا جديدة وناجحة للشراء، وإن كانت النتائج السابقة فاشلة، فيجب عليك تجنبها تماما والبحث عن طرق أخرى مفيدة لك بإذن الله.
هذه أهم الأمور التي تفيد المتداول البسيط في الشراء، جمعتها بنظرة خاصة وخبرة متواضعة، وهي بعيدة كل البعد عن الجوانب الفنية الرائعة جدا والتي قد تحقق لك أرباحا لا تتخيلها متى ما أتقنتها، ولكنها نقاط سهلة الفهم وسهلة التطبيق ويستطيع الجميع الاشتراك فيها وتطبيقها، وبإذن الله تكون ذات مردود جيد على الجميع.