الرياض - عبد الله الحصان
يعتبر قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة في المملكة فرصة حقيقية لدفع التواصل التقني في المملكة، حيث إنها متى ما دُعمت على أساس صحيح فإنها ستمثل المستقبل الواعد لاستغلال براءات الاختراع وتطويرها، وكل هذا يأتي بالتواصل مع قدرة قطاع المنشآت الصناعية الصغيرة والمتوسطة على اجتذاب الشباب السعودي لمجال الصناعة وتكوين منشآت صناعية تمارس العديد من الأنشطة الصناعية والتسويقية المتنوعة، إلا أنه يعاني حقيقة من عدم توفر فرص التمويل بنفس القدر المتوفر للمنشآت الأكبر حجماً، وفي هذا الصدد أكد أحمد العجاجي مالك إحدى تلك المنشآت ل(الجزيرة) أن المنشآت الصناعية المتوسطة والصغير تعاني فعلاً من هذه المشكلة، مضيفاً أن صندوق التنمية الصناعي قد أسهم بشكل واضح في توفير التمويل لنمو القطاع ولكن الملاحظ بأن المنشآت الكبيرة كانت أكثر استفادة من هذا التمويل حيث إن الصندوق لا يتيح تمويلاً لمشاريع يقل رأسمالها عن المليون ريال، وكما هو معروف، فإن غالبية القروض للقطاع الخاص توجهت للمشروعات الكبيرة كثيفة استخدام الطاقة مثل البتروكيماويات ومنتجات البلاستيك ومواد البناء والسيراميك والزجاج الأمر الذي لم يتحْ التمويل للمنشآت الصغيرة والمتوسطة من جانب الجهاز المصرفي مما أدى بطبيعة الحال لعدم وجود شبكة قوية من المنشآت الصناعية الصغيرة والمتوسطة.
من جانبه قال فهد السماري أحد المستثمرين في قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة إن هذا الوضع أدى بطبيعة الحال لحالة إدماج المنشآت الصغيرة والمتوسطة مع المنشآت الأكبر حجماً من خلال أنظمة التوريد وأمثالها، حيث تستفيد منشآتنا من خلال هذه الآلية على التكيف مع متغيرات السوق ومع تقنية الإنتاج.
وأضاف السماري أن التجارب الدولية أثبتت بشكل قاطع أن المنشآت الصغيرة والمتوسطة تمتلك دوراً حيوياً في نمو التجمعات الصناعية وكذلك الارتقاء بمستوى تنافسية وديناميكية قطاع الصناعة بوجه عام، وغيابه يعني تراجعاً في مستوى تنافسية القطاع بشكل عام، كما أن لنا في هذا القطاع أثراً قوياً في رفع معدلات إيجاد فرص العمل ونمو الدخل القومي وهذا ما يجعلنا نطالب وبشكل عاجل بضرورة توفير وسائل الدعم.
جدير بالذكر أن الإستراتيجية الوطنية الصناعية التي ستقر قريباً من مجلس الوزراء قد تبنت إنشاء منظومة متكاملة وتعمل على ثلاثة عناصر متوازية لهذا القطاع وهي تطوير وتحديث قطاع المنشآت الصناعية الصغيرة والمتوسطة وحفز إنشاء شركات جيدة وضخ استثمارات متزايدة في قطاع المنشآت الصناعية الصغيرة والمتوسطة، بالإضافة إلى إرساء علاقات توريد ومناولة بين قطاع الأعمال للمنشآت الصغيرة والمتوسطة مع الشركات الوطنية الكبيرة.
وقد تبنت الإستراتيجية عدداً من البرامج للرقي بهذا القطاع ومن أهمها دعم هذه المنشآت وتحسين إنتاجيتها وتنافسيتها كإنشاء آليات تعاون بينها وبين المنشآت الصناعية الكبيرة على نحو يقوي شبكة العلاقات الصناعية والتعاون الصناعي التي ستحقق العديد من النتائج كتسهيل التوريد والمناولة بين الشركات الكبيرة والمنشآت الصناعية الصغيرة والمتوسطة، والتدريب على التسويق وعلى الالتزام بالمواصفات والمعايير وضبط الجودة وكذلك المساعدة على التصدير وبرامج البحث والتطوير والابتكار وإقامة العلاقات مع الجامعات ومعاهد البحث، وكذلك المساعدة في إدخال تقنيات الاتصالات والمعلوماتية الحديثة في الإدارة والإنتاج والتسويق والمساعدة كذلك في نقل التقنية الجديدة لرفع التنافسية وتحديث الشركات، وتدريب العمالة لرفع الإنتاجية والمساعدة في استيراد المنتجات الوسطية بأفضل الظروف وإنشاء صندوق دعم للمنشآت المتوسطة والصغيرة.
والبرنامج الذي لا يقل أهمية عن الدعم هو إنشاء مجموعة من حاضنات التقنية بأنواعها وحاضنات الأعمال لتدريب رجال وسيدات الأعمال على مهارات الأعمال وإنتاج جيل وطني من الصناعيين وإنشاء مراكز أعمال رئيسية وفروع لها تضمن لهذا القطاع تحقيق الانتشار الجغرافي والمتوازن بحيث تقدم برامج تدريب للعمالة على مهارات الإنتاج والإدارة والمحاسبة وتطوير الموارد البشرية وتقديم خدمات المعلومات الصناعية وفرص التسويق المحلي والخارجي وتتيح التشارك مع رؤوس الأموال الأجنبية والتعاقدات معها لتحقيق فرص للمناولة مع الشركات الكبرى التي ستعود بالأخير لدعم إنشاء الجمعيات الصناعية المتخصصة ذات النشاط المهني.
كما أن إنشاء مركز تحديث يعمل على رفع التنافسية بين الشركات الصغيرة والمتوسطة لا يقل أهمية عن سابقاته وذلك من أجل تأهيل تلك المنشآت للإنتاج الصناعي الحديث ورفع كفاءة عملياتها ووصلها بالمنظومة الصناعية الحديثة سواء التي يضمها البرنامج التنفيذي الحالي أو المشروعات الواقعة في البرامج التنفيذية الأخرى وخصوصاً في شبكة الابتكار الصناعي.
ولعل استحداث برنامج معني بآليات التمويل الصناعي يعتبر خطوة إيجابية أيضاً كونه سيحفز المنشآت الصغيرة والمتوسطة على تمويل استثماراتها وتحديثها، وذلك من خلال إنشاء آلية مع الصندوق السعودي للتنمية ومع البنوك الوطنية إضافة لحفز المنشآت الصناعية الكبيرة على إنشاء صندوق لدعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة ذات العلاقة.