أحدثت عملية اختراق الجماهير الفلسطينية للحدود المصرية الفلسطينية العديد من المتغيرات وكشفت عدة حقائق بعضها معروف والبعض الآخر أتضح بصورة لا تقبل اللبس. ففي الشأن الإسرائيلي أعرب غالبية الإسرائيليين عن تأييدهم لتشديد العقوبات المفروضة على الفلسطينيين في قطاع غزة المحاصر، وبحسب نتائج استطلاع بثته الإذاعة العبرية، فإن أكثر من 73% من الإسرائيليين الذين شملهم الاستطلاع يؤيدون تشديد العقوبات ويؤكدون وجوب الإبقاء على الحصار على قطاع غزة، مقابل 22.1% دعوا إلى تليينها..

وقد جسّد الاستطلاع الوجه العنصري للمجتمع الإسرائيلي. وبسبب ورطة سلطات الاحتلال في الوضع بغزة أعلنت دولة الاحتلال الإسرائيلي رسمياً استعدادها لبحث تسليم معابر غزة، ولاسيما معبرا رفح في الجنوب وايريز في الشمال، إلى السلطة الفلسطينية.

وقال وزير الحرب الإسرائيلي أيهود باراك الذي يحضر المنتدى الاقتصادي في دافوس: (إن حكومته أعلنت استعدادها لبحث الاقتراح الخاص بالممرات).. بدوره, دعا (ماتان فلنائي) نائب وزير الحرب الإسرائيلي, إلى فك (ما تبقى من ارتباط مع قطاع غزة)، وذلك بعد إزالة الجدار الفاصل بين غزة ومصر). وفي تعليق أكده مكتبه قال فلنائي: (علينا أن ندرك أنه عندما تكون غزة مفتوحة على الجانب الآخر فإننا نفقد المسؤولية عنها، لذا نريد الانفصال عنها).. غير أن وزير الحرب (باراك) زعيم حزب العمل الذي ينتمي إليه فلنائي، رفض تبني هذا الموقف. وقال: (أنا لا اذهب في ترجمتي إلى هذا الحد البعيد).

ومساء يوم الجمعة أعاد الفلسطينيون فتح ثغرة في الحدود مع مصر بعد مصادمات محدودة مع قوات الأمن المصرية إثر محاولتها استعادة السيطرة على تلك الحدود التي تعرضت للتدمير قبل ثلاثة أيام. وقامت جرافة فلسطينية عصر الجمعة بتجريف أجزاء أخرى من الجدار الحدودي الخرساني المصري بعد أن أغلقت قوات حفظ النظام بوابة صلاح الدين المدمرة أمام الفلسطينيين القادمين من القطاع.. وانسحبت قوات الأمن المصرية من المكان وعاد توافد الفلسطينيين كما كان، في حين أصبح بمقدور المواطنين الدخول والخروج عبر شاحنات كبيرة لنقل احتياجاتهم بعد أن تم توسيع الفتحات في الجدار الحدودي؛ وشوهدت شاحنات مصرية تتجول في شوارع مدن قطاع غزة، فيما استطاعت الشاحنات الفلسطينية الوصول إلى مدينة رفح المصرية.. وعاود الآلاف من الفلسطينيين تدفقهم مساء يوم الجمعة باتجاه الأراضي المصرية للتسوق وشراء الحاجيات الأساسية.

وهكذا مثلما يفرض الإسرائيليون الأمر الواقع على العرب فرض جياع غزة (الأمر الواقع) على سلطات الاحتلال التي باتت تبحث عن مخرج يرفع الحرج عنها بالهروب من غزة.